النستلة وطحين نظام البعث !...
رحيم الخالدي
تذكرني حادثة حملة التشويه، التي طالت الشيخ جلال الدين الصغير، بحادثة قديمة جداً، تعود الى ثمانيينات القرن الماضي، عندما كان عمي المرحوم "أبو عبد الله"، ينادي أحد أحفادهِ "إبن القوطية"، لانه كان يرضع حليب جاف، كونه يعاني من حساسية شديدة مفرطة من صدر أُمهِ، والطفل يعرف صوت جده ويضحك، عندما يتم نعته بذلك الإسم الغريب! وكأنه نقصان من شخصيتهِ الطفولية البريئة، وما كان منه الاّ الضحك المستمر .
وعلى دأب الشيخ جلال الدين، كل أمسية جمعة في جامع براثا، يُلقي خطبة يتناول كل ما يمت للحياة اليومية العراقية، سواءٌ في عالم الأسرة والمجتمع أو السياسة وغيرها من الأمور، التي تتصل بحياة وأخرى للمواطن العراقي، وكان النصح ديدنه، ونقد الطرف الآخر، ولا يخشى بما يلمسه الشارع من تقصير، فكان مكملا لما تطرحه المرجعية الدينية في النجف الأشرف، من خلال منبر الجمعة في كربلاء، وباقي المحافظات العراقية .
فبركة خطبة الشيخ وجعلها في موضع سخرية! حيث إذا رآها المتلقي يراها ليست كما تم طرحها، وتجريدها من الجوهر الاصلي المراد منه المثال، وهذه الأطراف إجتمعت كما أجتمعت قريش في أيام الرسالة، على تشويه صورة الاسلام المحمدي، وأضهرت الشيخ ينهى عن أكل أتفه شيء في الحياة اليومية، وكان الأجدر من المتلقي البحث عن المادة الأصلية، ليعرف ما هو المغزى من الطرح، قبل أن يتهم الشيخ ويسبهُ جزافاً .
كان الطرح ضرب مثال من وجه التشبيه او التقريب، لتصل للمتلقي بطريقة سلسة، وبالطبع فالذي لديه خلفية علمية لا يتعب في البحث، بل يفهمها وإن كانت على مستوى عالي من الطرح، وكانت أتفه الاشياء التي يصرف عليها رَبُ الأسرة أو الفرد، هي الأشياء غير الضرورية، والنستلة وكارت الموبايل ليست من الضروريات، بقدر قوت العائلة التي تعتمد عليها إعتماداً كلياً، كالزيت أو الرز أو الدقيق وغيرها من الضروريات .
المغزي من الفبركة للمقطع الذي نُشِرْ، كان الغرض منه الفات المواطن عمّا يجري، وتزييف الحقائق عن السرقات التي بدأت تتكشف و تظهر للعلن، لما تم كشفه من سرقات طوال السنوات المنصرمة من عمر الحكومة، ليصار الى الهدف المرسوم، وقذف الشرفاء بما ليس فيهم، لانهم محبين لبلدهم، وإعتصار قلوبهم ألماً، لما سيحل بهم في قادم الأيام، سيما والحكومة آيلة للإنهيار بسبب سوء التصرف، والتغطية على السرقات المستمرة !
خلال سنوات الحصار، دأبت حكومة البعث على تجويع الموا طن العراقي، وحاربته بكل الوسائل الممكنة، وجعلته تابع لها من خلال أساليب مكشوفة، خلطت طحين البطاقة التموينية بمختلف الملوثات، وصلت لخلط نشارة الخشب مع الطحين، من دون أن يظهر مواطن واحد يعترض كما يجري اليوم، فهل أخطأ الشيخ عندما نصح العوائل، بان يتقشفوا ويتقصدوا والإحتفاظ باموالهم ليوم أسود، يتحسر على بضع غرامات من الطحين أم ياكل نستلة !