كَتبَ الجواهري:
1- يـَا لخديك نـاعِميـنِ*** يـَضـــجِّان بـِالـســــنـا
2- و لجـفـنـيك ناعـسيـن *** مــشـى فـيهما الـونــا
3- بـــأبــي أنــتِ، لا أبــي *** لـك كـــفــؤٌ، و لا أنــــــا!
لا أحد يختلف في قوة محمد مهدي الجواهري الشعرية، ولا في نَفَسِه الشعري وانسيابية الحرف بين يديه، فكيف إذا اجتمع كل ما سبق بإلقاءٍ عذب منه؟ كنت أستمع لهذه القصيدة على "اليوتيوب" وأنا في قمة الاندماج والمتعة والمشاعر، حتى بلغ البيت الثالث.. أوقفت المقطع.. أعدت استماعه، البيت هو هو! لم يتغير ولم أكن مخطئًا في فهمه!
بلغت مبلغًا عظيمًا من الغضب، ليس على الجواهري، بل على نفس الشخص الذي يفديه الجواهري بنفسه وأبيه، ولا يتوقف الأمر هنا، بل ويقول رغم أني فديتك بأبي، إلا أنه ليس بكفؤ لك ولا حتى أنا !
ثم إن الغضب على المكتوبة فيه القصيدة لا يكفي، فوجّهت الغضب إلى كل محبوب ظالم في هذه الأرض الواسعة، على مرّ التاريخ !
يُجنّ قيس ويهيم على وجهه في الأرض -بسبب محبوبته-، فمرة يرى في نجد ومرة في الحجاز وأخرى في الشام، و(المحبوبة) ليلى تزوجت ورحلت إلى الطائف بكل بساطة!
ويُنسى اسم جميل بن معمر ليذكر التاريخ والناس اسمه منسوبًا إلى "محبوبته" بثينة، ليكون: جميل بثينة. يكتب الشعر في حياته لها، ثم تخيل بعد كل هذه التضحيات ما كان موقف بثينة ؟ تزوجت غيره، وعندما مات حزنت عليه، وكتبت بيتًا من الشعر .. تضحية حياة يقابلها حزن يوم الوفاة :)
والأمثلة كثيرة على تضحيات المحب مقابل لا شيء من المحبوب؟ ألا يستدعي هذا التفكير؟ تمضي حياةٌ، ويهجر وطن، ويفدى بالمحبوب أبُ، : مقابل "تسبيلة عيون" منه؟ أو بسمةٍ "وغمّازة"؟ أو خدٍ ناعم؟ واللتي بالمناسبة لم يبذل جهدًا فيها ولا الحصول عليها :). والسلام.