طشه زنكَلاديشية
حيدر حسين سويري
لها معاني كثيرة بحسب البلد العربي الذي يستخدمها، تلك هي كلمة (طشه)، إلا أنها تعني في اللهجة الزنكَلاديشية (طلب الشهرة) وإن كانت في غالبها تأتى عن فعل او قول سلبي يقوم به شخص، في زمن غالت فيه الاخلاق الحميدة، فليس المهم ما يقدمه الشخص من محتوى جيد، بقدر ما يقدمه من محتوى سيء ومبتذل وغريب...
الفنان الكبير عادل إمام في مسرحية "شاهد ما شافش حاجه" في مشهد المحكمة، يقال إن الفنان خرج كثراً عن النص في هذا المشهد بالذات، حيث قال للقاضي:
عارف آخر نفق العباسية؟
القاضي يرد:
ايوه عارفه!
عادل إمام:
في واحد بتاع عصير هناك!
القاضي:
ايوه مالوه؟
عادل إمام يرد:
وحِش متبئاش تشرب منه!
حوار عادي في مشهد غير عادي أبداً، حيث قام الفنان بإيصال رسائل عديدة، من خلال كلماته وحركاته تجاه القاضي والمستشارين والمحامي والمجرم والمدعي العام وغيرهم.
الغريب في الموضوع انه بالفعل كان يوجد ثمة محل لبيع عصير القصب في اخر نفق العباسية، وكان عصيره سيئاً جداً؛ والأغرب أنه عندما حققت المسرحية نجاحاً جماهيرياً وانتشاراً واسعاً، استاء صاحب المحل، حتى أنه فكر في رفع قضية على كادر المسرحية، لكنه تفاجأ بازدياد عدد الزبائن الكبير، القادمين من مناطق بعيدة، فقط لتجربة عصيره السيء.
صاحب المحل الذي كان على وشك الافلاس واغلاق محله، بسبب سمعة عصيره السيء، ازداد عدد زبائنه وحقق ارباحاً طائلة، فقام بفتح فروع جديدة لعصيره السيء، والفضل يعود لعادل إمام الذي قام بالدعاية العكسية له، واعلان مجاني لمحله.
الخدمة التي قدمها عادل إمام لصاحب المحل، هي نفس الخدمة التي نقدمها نحن لجموع الحمقى والجهلة، في وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك بمشاهدة هرطقتهم والتعليق على تفاهاتهم. مع العلم انه يجب تركهم مهما فعلوا وأساءوا، لأننا حين نتكلم عن إساءتهم فإننا نساعد من حيث لا نشعر على (طشتهم)، قال تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 199])، كذلك (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص: 55]).
بقي شيء...
لا تجعلوا من الحمقى مشاهيراً، يسيرون بكم الى الهاوية...