Image title


نعم حصرني شيطاني في الزواية تلك المرة ..

شيطاني ليس بجني من ذوي القدرات المحدودة بل أنا على يقين أنه عفريت من ذرية عهد نبي الله سليمان - عليه السلام - 

تلك الشاكلة التي وضعها أمامي في تلك المرة أصابتني بالفالج ! 

أيها الطالب الطبي المنمق .. حدثني عن أهدافك ؟ عن مستقبلك ؟ عن شغفك ؟ عن طموحاتك ؟ 

صراحة إنه لشيطان ديمقراطي ! 

يترك لي كل المساحة لأتحدث .. لكن هذا النوع هو الأكثر قلقًا بين الأعداء !

إن كان خصمي يتعصب أو يتغير ماء وجهه في خضم حديثي فهذا يعني أنني على وشك الفوز ..

لكن إن قوبلت كل كلماتك بابتسامات سخرية واثقة .. فهذا يعني أنك في أسوأ مراكز الفشل ! 

توقفت للحظة متأملاً .. هل أنا أومن حقًا بكل هذا ؟! وفي مفارقة هي الأصعب في وقعها والأسرع في حدثها 

كان إيماني بالنقيض تمامًا ! 

ماذا لو كنت طبيبًا ؟! ماذا لو لم أستطع السفر ؟! ماذا لو تفوقت وتقدمت ؟! سأظل هنا ! 

وماذا لو تفوقت وسافرت ؟! وماذا لو لم أتزوج ؟! ماذا لو أنني علقت أمالي على شخص ثم انصرف عني في كل تلك السنوات العجاف ؟! ماذا لو تمسك بي من حولي ورفضوا الرحيل ؟! ماذا لو تجاوزت هذا كل ثم سافرت وطرحت قلبي إلى الهاوية وانفصلت عن جذوري ! 

أظنني هناك الآن .. أعمل وأعمل ثم أشيب ثم أصير قعيد الفراش أنوح على وليدٍ وأدته قبل وجوده ! ماذا لو أنني صرت أشهر الأطباء وأمهرهم ؟! سأسقط في يوم ما .. فأنا بشري لن أخرق الأرض يومًا أو أخلد أبدًا ..

ثم ماذا لو أنني هنا ؟! تضيع كرامتي على يد حفنة من الرعاع ساببي الدين باسم العدالة والأمان ؟! ثم أقضي شبابي بين فساد وفساد وفساد في ضروب تتفاوت في منسوبها ليس إلا ! 

وما الذي يدريني أن كل ما أفعل ليس هباءً منثورًا ؟! 

يا إلهي ! لقد غرني لقب الطبيب الصغير .. هيكلت كل حياتي على هذا النحو ! وغفلت أن هذا قد يكون سبب هلاكي ! فبعزتك وجلالك حذرتنا من خداع المناصب وخطوات الشيطان واستدراجه ! وبعزتك وجلالك أخبرتنا بشكل صريح أنك لا تنظر إلا للقلوب والأعمال .. حتى أننا حفظنا كل تلك الأمور ونرددها مرارًا وتكرارًا ولكن يغيب عنها الإدراك الفعلي منا ! 

الآن إني قد أهدر حياتي في السفر والترحال .. أو البقاء والغنى وأحصل على كل الشهادات ويقدس مكانتي كل الناس حولي .. وأتربع على عرش الأطباء .. وأكون أسرة هي الأروع .. ،،

وفي لحظة ما .. يحدث خطب ما يرفع ضغط الدم بشكل يعجز القلب عن مجاراته بعضلاته المهترئة ! 

طرفة عين .. ثم انتهى الأمر والآن أنا لا أجيب على ثلاثة أسئلة ! الآن أهوى من على الصراط .. الآن كتابي يأبي ويمناي ! الآن أنا في بقعة من ضل سعيهم في الحياة الدنيا ! الآن أنا وحيد والآن اكتشف سوء ظني أني كنت أحسن عملي ! .. هيهات هيهات !

وكان لي ابن عمة تعليمه محدود .. كنت أتهكم على حياته الضيقة التي لا تتخطى ذهابه للحقل والمسجد ثم منزله ! كنت أهزأ بجهله وأميته وحياته المخنوقة الرتيبة ! 

والآن إني أكتشف كوني الجاهل الوحيد في ذلك المضمار بأكمله .. حينها يكون قد فات الآوان ! 

والآن فقط .. تتغير ملامح شيطاني نحو الغضب العارم !! ،،