"كرة القدم ليست مهمة جدًا، نحن لا ننقذ أرواح الناس، فقط وظيفتنا جعل الناس ينسون مشاكلهم لمدة 90 دقيقه". هكذا كان حديث المدرب الألماني يورغن كلوب عن كره القدم ومدي أهميتها بالنسبه للناس . ان مجرد الحديث عن قطعه الجلد المملؤه بالهواء وتتنقل من قدم لقدم انها حيله جديده لالهاء الشعوب وخداعهم وبعدهم عن الواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشونه وانها اداه في ايد السلطه تتحكم بها انه لامر اقرب الى السفه منه الى الحقيقه .
بعيدا عن اعتبار كره القدم وسيله تسليه مهمه وصاحبه الشعبيه الأكبر في العالم فمنذ نشأتها سنة 1863 في إنجلترا عندما انفصلت كرة الرغبي وكرة القدم وتم تأسيس اتحاد كرة القدم في إنجلترا، الذي أصبح أول مؤسسة تُعنى بشؤون اللعبة.وهي مقترنه بكل نواحي الحياه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه الي يومنا هذا . لم تعد هذه المساحه الخضراء التي يحكمها بعض قوانين اللعبه مجرد ساعه ونصف من التشجيع او المتابعه بشغف والفرحه بالاهداف فقط ، هذه المساحه تعتبر سوقا تجاريا ومنظومه اقتصاديه كبيره يرزق منه الكثير بدايه من الشركات الرياضيه والصحافه و اللاعيبين والرعاه وحتى بائع الشاي في المدرجات مرورا بسلسله طويله من اشخاص يرزقون منها .
اذا عدنا في بدايه الامر الي حديث يورغن كلوب عن انها لا تنقذ أرواح الناس فانه بالكاد يقصد انقاذ ارواحهم ، لكننا هنا نسلط الضوء على تعديل بسيط في هذه المقوله هو ليس تعديل انما توسيعا لمعني الكلمه ، ان كره القدم تنقذ بالفعل أرواح أناس وتفتح بيوتهم وتمد الكثبر منهم بالمال حتى يقدر على العيش واعاله اهله . لا بد من الاعتراف ان هناك آلة اقتصادية ضخمة أصبحت تدور عجلتها مع مباريات كرة القدم، وقد شهد العقد الماضي على وجه الخصوص تصاعداً كبيراً في حجم الأموال التي تتدفق على صناعة كرة القدم سواء من حيث ارتفاع حقوق البث التليفزيوني أم تزايد أعداد جماهير المشاهدين، أم تصاعد الصفقات الإعلانية وتزايد الحرفية في مجال التسويق. هناك دول يقوم اقتصادها على كره القدم ، المحافل الرياضيه أصبحت تحدث كل عام في كل مكان وتجذب الكثير لها من المشاهدين ، اذا انه موسم سياحي عظيم . عندما ينتقل كادرس التصوير من المساحه الخضراء الي تلك المقاعد المحيطه بالملعب نجد هناك تجمع كبير من الناس ، هذا التجمع هو اكبر بكثير من تجمع لمشاهده 90 دقيقه ، ان هذا المدرج الذي خرج منها جميع اللافتات الانسانيه والثوريه وعرض فيه الكثير من القضايا وانشئ فيه روابط الاولتراس وتعالت الأصوات بمطالب خارج الالتزام الرياضي ، اذا كان هؤلاء الناس المقصودين بالالهاء والخداع فكيف يفعلون كل هذه الأشياء وكيف ينتبهون لما هو اكبر من كره القدم ، اذا فشلت المحاوله مره أخرى هنا والمدرج يحكم .
كره القدم أيضا تقرب المسافات تنشر الثقافات ، لن نطيل في هذا الامر ونتحدث بلغه كتب المناهج الدراسيه فهي حقيقه واضحه ان كره القدم تنمي العلاقات الاجتماعيه بدايه من الدول وبعضها نهايه بالاسره الصغيره التي تجتمع لتشاهد المباريات عبر التلفاز في زمن قل ما يجتمع الناس فيه على شيء . هناك مواقف انسانيه لهؤلاء اللاعبين الراكضين وهناك من عارض نظام وسلطه مستبده وهناك من انتبه الى العمل الخيري سواء وهو يلعب الكره او بعد اعتزاله ، اذا هؤلا اللاعبين ليسوا جنودا يعملون في منظومه الهاء يديرها نظام الحكم في بلد ما لالهاء شعبه ، اذا هم منا ومثلنا تماما . بعد ما تقرا كل هذا الكلام لم ننسي اخبارك ان لكره القدم تتدخلات في السياسه واثار على علاقات سياسيه بين البلاد وبعضها فبضرب المثال لقاء إيران والولايات المتحدة في فرنسا عام 98 كان وقيعة من ذلك النوع، ورغم الورود التي تبادلها الفريقان قبل المباراة فإن السياسة كانت حاضرة فيها مع الرياضة، الانتصار الإيراني بهدفين لواحد كان مدوياً لدرجة أن مرشد الجمهورية الإيرانية (علي خامنئي) قال بعدها إن إيران أذاقت العدو طعم الهزيمة مجدداً. وحتى الصراع العربي الإسرائيلي كان له نصيب في الكأس، فغالبية الدول العربية امتنعت عن بث مباراة إيطاليا والبرازيل عام 82 رغم أهميتها لأن حكم المباراة كان إسرائيلياً. لذلك لم يعد غريباً أن تشغل مباريات الكأس العالمية كبار الساسة، قمة الاتحاد الأوروبي في أشبيلية خصصت رسمياً لمناقشة قضية المهاجرين، وفعلياً كانت كأس العالم على أجندتها غير الرسمية، وأكثر الرؤساء بهجة كان المستشار الألماني (جيرهارد شرودر) الذي تأهل فريقه إلى المباراة النهائية تاركاً الباقين خالي الوفاض. والحديث يطول في هذه الجزئيه . في النهايه يا صديقي كره القدم هو عالم خاص لا يجب عليك ان تكون من عشاقه كي تحترمه ، لا ننكر ان هناك من يستخدمها لالهاء الشعوب لكن ما نراهن عليه هنا ان نسبه ضئيله جدا من يتم الهاؤه وقد تقترب من الانعدام ، كره القدم اكبر من مجرد وسيله تسليه .