رهان الانتخابات في ليبيا...
توازن بين الدستور والاستقرار
من القضايا المثارة اليوم في ليبيا, قضية توازن بين الدستور والاستقرار، وهي علاقة حرية المواطن الليبي في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، وصياغة الدستور الدائم في شكل النظام السياسي العام نحو المسؤولية السياسية والاجتماعية.
ومفاد ذلك، غياب الحرية السياسية في عملية الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ويصل ذلك الى غياب استقرار الوطن، وينتهي استقرار الوطن عندما لا نعمل على ايعادة صياغة الدستور الدائم والاستفتاء عليه لضمان الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقف العالم متحيرا وعاجزا في تحقيق الاستقرار في ليبيا عبر المؤتمرات الخارجية، منها أخر مؤتمرا، مؤتمر باريس الدولي من أجل ليبيا، ليؤكدوا لنا قادة العالم على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المحدد يوم 24 ديسمبر المقبل، ومن بعد ذلك نستعد الى صياغة الدستور الدائم للوطن حتى يعود لنا الاستقرار في البلاد.
والسؤال المحير على عقول الإنسانية، مما أحار سبيلهم ولم يهتدوا الى صواب الإجابة حتى يومنا هذا، في سؤال كان في أيهما جاء أولا.. البيضة أم الدجاجة ؟، وأما في العصر الحديث يثبت لنا علماء بريطانيون عددا من الأبحاث والتجارب ليستدلوا على أن البيضة خلقت قبل الدجاجة!
وفي نفس السؤال المحير اليوم على استقرار ليبيا، ما بين الانتخابات أولا ؟، أم صياغة والاستفتاء على الدستور الدائم أولا ؟، وقد يحير هذه الأسئلة عقول الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والساسة الليبية في استقرار الدولة الليبية !..
لكننا محددون بموعد الانتخابات القادمة نهائية العام الحالي، في الرابع والعشرون من ديسمبر لعام 2021 ميلادي، شهرا تاريخيا مربوط بيوم استقلال الدولة الليبية في 24 ديسمبر لعام 1951 ميلادي.
جسد تاريخ 24 ديسمبر استقلال ليبيا، الدولة الليبية الدستورية المعاصرة، وبناء على ذلك اختير موعد الانتخابات القادمة على هذا الموعد التاريخي لنضال الإباء والأجداد لوطنهم بقيادة الملك محمد إدريس السنوسي، فكان أول ملك للمملكة الليبية.
وحتى إذا تمت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المحدد لها، فأن لليبيا دستورا دائما من قبل الثورة الليبية الشعبية، ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة التي أطاحت بنظام السلطة الشعبية وكتابها الأخضر، رمز عدم استقرار ليبيا عبر السنوات الماضية .
فنحن نعيش في مجتمع, وأحد الأركان من الشرق الى الغرب الى الجنوب، الذي يستند إليه استقرار ليبيا بالدستور الدائم، إي أن المجتمع الليبي هو المشرع لهذا الدستور الدائم بوجود القوانين الوضعية والأعراف والتقاليد والديانة الإسلامية,
وهذا ما حدث بالفعل، عندما تخلص النظام السابق من الدستور الدائم في البلاد ورفع معها جميع القوانين المعمول بها في البلاد، تزعزع معها استقرار ليبيا وتعطلت مسيرة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فقد نشأ عن جهل المؤرخين بالقوانين التي تخضع لها الظواهر السياسية والاجتماعية.
إن زلت أقدامهم، وحادوا عن جادة الصواب في الفقه الدستوري، جعل من ليبيا حتى يومنا هذا تحكم بمعتقدات طوباوية استحالت تطبيقها، فليبيا لا تحكم اليوم فأفكار طوباوية بل بالقوانين التي يخضع لها المجتمع الليبي، والتي تنظم العلاقات بين المواطنين و تنضم لهم الحقوق المتبادلة ومن ثم فإنه ليس من حق احد إن يكون فوق الدستور الدائم للبلاد.
وسيظل الجدل على استقرار ليبيا متواصلا طالما كان هنالك جهل بالقانون الأعلى لدول ليبيا، فليس هنالك استقرار بدون دستورا دائما، ومهما تعددت الحكومات الليبية دون شرعية دستورية لحسم نهائية الأزمات في البلاد، ليضم لنا انتصار طرف على آخر.
لا أحد منا ينكر أو يكابر على استقرار ليبيا،وبالعودة الى القانون الدستوري الأعلى لدولة الليبية، دستور يحظى باستحسان الجميع من أبناء الوطن، وحاجة الشعب الليبي الى العودة مرة أخرى الى المسار الديمقراطي لمكافحة الإساءات الوضعية التي ترمي الى بيان طبيعتها ما لا تخضع له من قوانين دستورية.
بقلم / رمزي حليم مفراكس
رجل أعمال مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية