بسم الله 

ولأن الكلام عربى فأول مانبدأ بالصلاة على النبى .. فصلوا عليه !

" مشهد 1 "

فى زمن تبخرت فيه كل الآمال بتحقيق الأحلام واندثرت كل الأسباب الممكنة - وغير الممكنة - للوصول للأهداف ولد إبراهيم .. بطلُنا !

- إبراهيم شاب عشرينى من أسرة متوسطة وُلِد فى منطقة شديدة العشوائية بالقاهرة القديمة .. لأسرة متوسطة الحال .. والفكر !

ولأن إبراهيم شاب متقد الذكاء - كما يصف نفسه - وكثير الأحلام فكان همه الأول أن يظهر ذلك لكل أقرانه .. دايما بيلبس أشيك ملابس من العتبة .. ودايما شايل شنط سنسونايت محدش يعرف فيها ايه غيره .. وجزمة بتلمع دايما من مياة الصرف الصحى اللى على عتبة بيته .. 

"الشنطة كانت دايما فاضية من أى شىء مهم ماعدا ورق سندوتشات الطعمية .. كان بيجمعها كل يوم علشان يحسب هو صرف كام جنيه على أكله شهريا " 

وعلشان تكتمل الحبكة فإبراهيم أقنع أهله إنه بيشتغل شغلانة بيكسب فيها آلاف .. بيفضل يتكلم بالساعات عن التسويق الإلكترونى والدهب - اللى مايعرفش لونه - والياقوت والمرجان - اللى مايعرفهمش غير من أفلام إسماعيل ياسين الأبيض والأسود - والآلاف عند أهله محال.. أبوه ميعرفش يعنى إيه ورقة 200 جامدة .. أبوه دايما كان يسمعه ويرص الحجر ويضحك .. وأمه تبص وتسكت .. وأخواته ال12 يضحكوا ملأ أفواههم حتى تقترب أرواحهم حد السماء .. وبطل قصتنا هو الوحيد الممتعض من ذلك الوضع .. هو دائما مقتنع أنه سابق عصره .. 

" مشهد 2 " 

إبراهيم كان شيال فى سوق التلات .. وقدر يجمع مبلغ محترم دفعه كمقدم للشغل .. أصله مستنى الآلاف .. 

وفى تالت أيام الشغل وهو بيحضر كوب النسكافيه الساخن قبل الإجتماع صادف مرور أجمل فتاة رآها فى حياته .. كل الجمال كما يصفها أقرانه على القهوة بالليل .. قوام ممشوق , كعب عالى , ميكب أحمر وأخضر .. لوهلة شعر بعد رؤيتها انه قد حيزت له الدنيا بحذافيرها .. اقترب منها مبتسما ,, وكعادة كل فتاة مصرية أصيلة " فيه حاجة يا أستاذ ؟ مسم " ليرد بطلنا " إبراهيم .. زميلك فى الشركة هنا  .. " وقبل أن يكمل كان جرس الإجتماع يسوق الجميع بما فيهم " صاحبة القوام الممشوق " إلى غرفة الإجتماعات المكدسة بشباب زى الورد .. لاتستطيع تفرقتهم عن بعضهم سوى بلون تيشيرت الرقبة تحت قميص البدلة .. فالكل يلبس نفس البدلة بنفس اللون .. 

الكل كان يمتلك عينان منصبتان بشدة على رئيس العمل يستمع للنصائح .. ماعدا بطلنا " إبراهيم " فقد انصبت كل جوارحه على صاحبة القوام الممشوق .. ,مضت عد ساعات وبطلنا موجود داخل الاجتماع لكن روحه ترفرف فى سابع سما تملأه الفرحة .. دقائق وانتهى الإجتماع !

اقترب إبراهيم من ياسمين " صاحبة القوام الممشوق " تعرف إليها بكل جرأة غير معهودة عليه .. فهو يخشى دائما النظر لعين أخيه .. فكيف يتعرف على غريبة عنه ؟ .. اقترب منها واستمر بالحديث .. بادلته هى الأحاديث والضحكات والقفشات المسروقة من مسرح مصر وأفلام محمد هنيدى وأحمد حلمى .. فكلاهما من عشاق مسرح مصر ومن حافظى إيفيهات الأفلام الهابطة .. طال الحديث ليعقبه كوب حمص شامى على الكورنيش وتمشية طويلة لوسط البلد ثم يصل كل منهما إلى بيته .. 

تكررت المقابلات والأحاديث والحوارات إيفيهات الأفلام المكررة التى أصبح من الملل لكل منهما أن يكررها .. 

مرت الشهور وتحقق حلم بطلنا أخيرًا .. أصبح مرتبه بالآلاف .. أسرع إبراهيم لتجهيز شقة تليق بالعروس .. وشراء شبكة تليق بأن يتحدث عنها أهل الحارة أجمع .. ومرت الأيام سريعة واقترب موعد الزفاف .. وكعادة أى مصرى فمن المتوقع أن تنتهى هنا القصة السعيدة وتبدأ الحياة الحزينة ؟ لا .. لم يحدث ذلك .. بل على العكس كانت السعادة والهناء والرخاء تليق بياسمين وإبراهيم وانتقل كلاهما لمنصب أعلى فى الشركة وأنجبا ولدا يشبه رونالدينيو البرزيلى فى ملامحه .. وكانت السعادة تليق بكليهما .. 

" مشهد 3 " 

حوار .. 

- دخلى ياابنى أبو الواد ده .. 

= أيوه ياباشا ؟ 

- إبنك ده كان بيشرب إيه ولا بيلبع  إيه على دماغه ؟ 

- ياباشا والله ابنى مخرجش من أوضته من 3 شهور .. آخر مرة خرج فيها كان راح يقدم فى شركة كده بتاعت تسويق عقارات تقريبا ورفضوه ومن يومها مخرجش من أوضته .. 

= ومن ياسمين دى ؟ 

- منعرفش والله ياباشا .. 

" بعد فترة وصلوا لياسمين " 

- أيوه تعرفى إيه عن الواد ده يابت إنتى ؟ 

= ياباشا والله أنا مااعرفه ..

- وريها صورته ياابنى حلو تانى .. 

= اه ياباشا .. الواد ده كان جاى بيقدم فى الشركة عندنا من 3 شهور وحاول يتحرش بيا والشركة رفضته .. ومعرفش حاجة تانى ياباشا والله وانا غلبانة ياباشا والله و.. 

- بس بس . مشيلى البت دى .. 

" أكتب عندك ياابنى .. ويحفظ المحضر فى وقته وتاريخه بعد الأمر بدفن جثة المنتحر .. حيث أظهر تقرير الطب النفسى أن المتوفى يعانى من إكتئاب ثنائى القطب " 

( اكتئاب ثنائى القطب : حالة مرضية يبنى فيها المريض لنفسه نسيج من الأوهام والهلاوس )