تعاقبني المسافات لا أعلم لماذا تزداد قسوة كلما استغرقت في قطعها، هل قدر المرابطين على حدود الذكرى الوجع، في مخيم بعيد تركت حقائب الأمل وانتقلت الى مخيم أخر أحمل بعض ما تبقى من ذلك الامل، أمل الاستقرار وحياة هادئة هذه المرة التفاصيل مختلفة وسط زحام كبير ووجوه متعبة رأيت عيونا حالمة كانت أشبه بنقطة ضوء في عتمة طويلة، إنها ماريا تلك الفتاة التي تجيد رواية الاحداث لاطفال المخيم تعلمهم كيف يحتفظون بذاكرتهم حتى لا تلغيها جغرافية الضياع وتوقيت خاطئ في حقبات الزمن، مضى على وجودي بعض الأيام او ربما الاشهر لا اعلم في هذا المكان تفقد القدرة على ملاحقة الزمن وتستغرق في جمع التفاصيل خارج دائرة التأريخ ربما لانك لا تشعر بالانتماء فالمكان لا يعطي أسراره الا لمن ينتمون له البقية يتعامل معهم على أنهم فضوليون يكتشفونه بتروي ويقابلهم بالحذر والغموض ولأني أجيد بعض المهارات وجدت ما أقاوم به في معركة المكان والزمان حيث يصعب على الانسان أن يستقر خارج فكرة المؤقت، تعلمت كيف أصنع لعبة للوقت لترويضه وكانت ماريا تساعدني على ذلك فأخذنا نفرغ سم عقارب الساعة بقتل الانتظار انشغلنا نعلم الاطفال كيف يعيشون الحياة بما تبقى في أنفاسنا من حياة وتعلمنا معهم أن نجدد القدرة على العيش ونبعث الروح في جثث الامل....