إذا تأملنا في سير العظماء سنجد شيئا شبيها بين أغلبهم و هي علاقتهم بالقراءة و الكتاب.. فقل أن تقرأ عن شخص مؤثر إلا وجدت أن القراءة جزء لا يتجزاء من حياته.. فإننا إذا قرائنا في سيرة أحد أعظم فلاسفة القرون الوسطي "ابن رشد" سنجد أن حياته عبارة عن قراءة و كتابة فقط و غير ابن رشد نأخذ محمد محمود شاكر (أو أبوفهر) كمثال.. فإنه أنتج أحد أعظم الكتب في التذوق الأدبي علي مر التاريخ بعد عشر سنوات من القراءة و الإطلاع في جميع المجالات (أدب، فكر، فلك، و الخ).. و ننتقل إلي أوروبا و نذهب إلي كافكا و نجد أن القراءة كانت أخذة مكانا كبيرا في حياته و من كافكا ننتقل إلي الشرق ذاهبين إلي أستاذ الرواية العربية (محفوظ) و سنجد أنه كان ينظم يوميا عدد ساعات معين للقراءة و الكتابة و قد صرح في أحد لقائته أنه كان يجب عليه يوميا الإطلاع علي لون من ألوان الثقافة و الأدب.. و من العظماء ننتقل إلي كيف تغيرك القراءة و كيف تجعلك إنسان أخر.؟ صدقني يا عزيزي.. أن تقرأ يعني أن تعي.. معني ذلك أنك كلما قرأت كلما إزددت وعيا كلما إزددت روحا.. و من فوائد القراءة، أيضا، أنها تدخل النور لعقولنا المظلمة.. تلك العقول التي باتت تعيش في قالب محدد لها في الفكر و المنطق.. تلك العقول التي أهينت عبر التاريخ ولكنها ستظل شامخة رغما عن أنف أعدائها الذين يريدون إمتتها بالحيا.. و للقراءة ميزة جمالية تكمن في أنها تتعدي حاجز الزمان و المكان فإنك (يا عزيزي) تستطيع أن تسمع أرسطو و هو يكلمك عبر كتبه و يمكنك أن تشعر بأجواء الحرب في مذاكرات القادة والعساكر و غير ذلك يا عزيزي.. و غير ذلك.! و من الأشياء التي ستجنيها (إن كنت تقرأ قراءة صحيحة) هي أنك ستشعر بعقلك و هو ينضج و ينموا و أنت مازلت فتي شابا و تصبح (فتي الكهول) بعقلك الناضج.. و للقراءة دور، أيضا، في تخفيف الأحزان و المصائب – و أنا أقول هذا عن تجربة خاصة.. فبينما أنا حزين إذ بي أقرأ في أحد كتب التاريخ و أنغمس فيها فأنسي نفسي و حزني و أنا أقرأ.. إنها بهذا الشكل مثل المخدرات لمدمنها ملجائا من ضوضاء العالم و لكنها تختلف عن المخدرات في أنها تبني و لكن المخدرات تهدم.