تقع مدرسة التوفيق 2 بتعاونية فلاحية، على بعد 7كلم من واد أمليل. كنت في زيارة لأحد الأصدقاء بهذه المدرسة كان يومه الأحد عندما حل بالمدرسة مجموعة فرنسيين من أجل تفقد/تذكر آثارهم! تأملتهم وهم يحاولون خلق جو من الألفة والتطبيع بينهم وبين كبار وصغار المدرسة يمدون نوعا من الأقلام لهذا ونوعا آخر لذاك يهشون ويبشون.. كانت بسماتهم تنقلني إلى ذلك الماضي البعيد، إلى ذلك الزمن الذي كان فيه الفرنسيون يعيثون في الرض فسادا وإفسادا يستنزفون الخيرات ويشردون العباد ويدنسون المقدسات ...حينها كانوا يزعمون أنهم أنبياء جاؤوا برسالة التحضر والتقدم إلى هذه الأرض! لحظتها بدت لي في مرآة وجوههم تلك المشاهد البطولية التي خاضتها الشعوب الإسلامية لمقاومتهم ومقاتلتهم. رأيت في أعينهم تلك الهجمة البربرية التي مورست على الأبرياء؛ فقتلوا وشردوا وأحرقوا في محاولة جادة لإخضاع العباد وطمس الهوية.
        كان من بين الزوار مسنين قطنوا تلك المساكن المثقلة بالتاريخ حين كانوا أقوياء يأمرون أو يؤمرون بتنفيذ رغبة وإرادة المستعمر. ذكرني هذا بأحدهم- وقد يكون أحد أفراد هذه المجموعة-وهو يصرح في قناة فرنسية للتاريخ بدون خجل، أنه قتل وعذب بتفنن! وهو اليوم يعترف تحت تأثير الضمير فالأرق يصيبه كلما تذكر الصور الفظيعة التي أستحيي -أنا الكاتب-من ترجمتها كما أوردها هذا المجرم.
 السؤال الذي كان يستفزني تلك اللحظة هو كيف كان هؤلاء الزوار يتصورون نفسية أهل وأصحاب الأرض؟ أيتصورون أنهم عديمي الذاكرة؟ أم أنهم مصابون بداء النسيان؟  أم يعتقدون أنهم لا يزالون يمارسون رسالتهم التحضيرية؟
من الطرافة أو الوقاحة انهم طلبوا من السكان أن يدلوهم على ميزان كان يوزن فيه الخنزير! وفي زيارة أخرى سابقة لم يراعوا حرمة رمضان المعظم لم يحترموا مشاعر الصائمين هي إشارة استفزازية واضحة لمن يمتلك مثقال ذرة من الانتماء لهذا الوطن وهذه العقيدة.
                                                                               ع.س / رباط الخير 13/10/2002