السؤال:

ما إعراب كلمة (كتابَ) في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24].

الجواب:

قال أبو سارة غفر الله له:

في هذه الآية مبحثٌ نحويٌّ دقيقٌ، وذلك أن لها علاقةً باسمِ الفعلِ من حيثُ حكمُ تقدُّم معمولِه عليه.

والجمهورُ لا يُجيزون تقدُّمَ معمولِ اسم الفعل عليه لضَعفه، وقد قرر النحاة ذلك في قواعدهم؛

ولذلك أولوا الآية تأويلاتٍ، أهمُّها:

1ـــ أنَّ {كِتَابَ} مصدرٌ مؤكِّدٌ لمضمون الجملة، وعاملُه محذوف، دلَّ عليه قوله تعالى في أول الآية السابقة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} أيْ: (كُتبَ عليكم تحريمُ أمهاتِكم .. كتابًا من الله)، والإضافة في {كِتَابَ اللَّهِ} بمعنى (من). والجار والمجرور {عَلَيْكُمْ} متعلقان بالفعل المقدَّر، أو بالمصدرِ.

ويجوز أن يكون العاملُ في المصدر من غيرِ لفظه، فيكون مصدرًا بالنيابة للفعلِ {حُرِّمَتْ}، إذ في التحريم معنى الكتابة، فالكتابةُ تُستعارُ لمعنى الفرضِ؛ لثبوتِه وتقريره. والتحريمُ يعني فرضَ التركِ.

2ـــ أنَّ {كِتَابَ} منصوبٌ بفعل محذوف تقديرُه (الزَموا)، أي على الإغراء. ويجوز في {عَلَيْكُمْ} إمَّا أن تكون شبهَ جملة متعلقة بالمصدر {كِتَابَ}، أو بمحذوف، حال من المصدر. وإما أن تكون اسمَ فعل مفسِّرًا لفعل الإغراءِ المحذوفِ وجوبًا.

والتوجيهان المتقدِّمان موافِقان لما ذَهب إليه جمهورُ البصريين.

3ـــ أنَّ {كِتَابَ} مفعول به مقدَّم لِاسم الفعل {عَلَيْكُمْ}، فلا تأويلَ ولا حذفَ إذنْ. وهذا رأيُ الكسائي والكوفيين ؛ إذ يجيزونَ تقدُّمَ معمولِ اسمِ الفعلِ عليه.

وترجيحُ الأقوال هو على حسب ترتيبِ ذكرِها. والله أعلم.

@almaghamy