يُعد تعليم الآلة مفهومًا رائعًا في هذه الأيام، يتكلَّم عنه كلُّ شخص في دنيا الأعمال، حيث إنَّه يعتبر تقنيةً واعدةً لها القدرةُ على تغيير بيئة العمل السائدة وإحداث تغيير جذري في تسسير الأعمل بسهولة ويسر. لقد بدأ صنَّاع القرار في التفكير في تعليم الآلة كأداة لتصميم وتنفيذ استراتيجياتهم وأفكارهم الإبداعية. يعتبر تنفيذُ تعليم الآلة في المؤسسات والشركات تحديًا كبيرًا، ومن أسباب ذلك نُدرة البيانات التي يمكن الاعتماد عليها في تطبيقات تعليم الآلة. إنَّ امتلاك البيانات ذات العلاقة يعتبر ضروريًّا من أجل التنفيذ الفعَّال لتعليم الآلة؛ ومع ذلك، فإن الحصول على هذه البيانات يعتبر تحديًا كبيرًا. انطلاقًا من النمو والتطوُّرات الحديثة في مجال التقنيات القائمة على إنترنت الأشياء وتحليلات البيانات الكبيرة، أصبح من السهل نسبيًّا على المؤسسات حفظ البيانات وتحليلها بكفاءة وفعالية. إنَّ إتاحة البيانات الكبيرة في الزمن الحقيقي قد أدَّى إلى التطبيق الناجح لمشاريع ومنتجات وتطبيقات وخدمات تعليم الآلة في الكثير من المجالات.

لقد مكَّن ذلك صانعي القرار أيضًا من إنشاء بعض الاستراتيجيات الكبيرة والمُسَاعِدة. إنَّ مفهوم تعليم الآلة ليس جديدًا، ويمكن تتبُّعه وربطه بالذكاء الاصطناعي والأنظمة الخبيرة. في الآونة الأخيرة، حظي تعليم الآلة بالكثير من الاهتمام والانتباه بسبب بعض الإنجازات الرائدة. على سبيل المثال، فإن قدرات نظام آي بي إم واتسون IBM Watson على التنبؤ بالأمراض أفضل من الأطباء، أو نجاح الفيس بوك في التعرف على الوجوه البشرية بدقة أفضل من البشر أنفسهم.

في عصر تعليم الآلة وتحليلات البيانات الكبيرة، يمثل التنبؤ العام أساس كل القرارات العلمية أو التجارية تقريبًا. إنَّ دراسة التعميم الناشئ من البيانات يُمثِّل الموضوع الرئيسي لتعليم الآلة ، يعتبر توقُّع النتائج مفتاحَ نجاح المؤسسة في سيناريوهات العمل الحالية والمستقبلية. يرغب صنَّاع القرار في رؤية الاستراتيجيات والسماح بتنفيذها بحيث لا يتمُّ النظر فقط إلى البيانات القديمة، ولكن يجب أيضًا استخلاص المنطق منها. و يريد صنَّاع القرار أن يحدث ذلك تلقائيًّا. قد يتنبأ النظام الخبير بسلوك العملاء، ويتعرف على احتياجاتهم المستقبلية في صورة تقرير يمكّن الشركات بعد ذلك من اتخاذ قرارات فعَّالة في الزمن الحقيقي. على سبيل المثال، في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، يرغب صنَّاع القرار في إنشاء برامج من شأنها أن تُساعد مسؤول المخاطر الائتمانية على التنبؤ بفرضيات العميل المحتملة على الأرجح. ترغب أيُّ شركة للاتصالات في توقُّع ميل العميل إلى التخلُّف عن سداد فاتورته بناءً على التحليل السلوكي للعملاء، وهذا من شأنه أن يُوفِّر لها التوقعات المستقبلية الخاصة بالتزامات الدفع من قِبل العملاء في الزمن الحقيقي، يكون ذلك الأمر ممكنًا إذا تمَّ الاستناد إلى تفاصيل الدفع السابقة لأحد العملاء عن طريق تعليم الآلة.

في الواقع، يكون صانعو القرار غير راضين عن التنبؤ فقط، بل إنهم يكونون مهتمين أكثر بفهم سبب قيام شخص ما بعمل شيء ما. يريد صنَّاع القرار أن يستكشفوا "السبب" حيث يقومون ببناء استراتيجياتهم حول تلك الأفكار أو السلوكيات. كما نعلم تقنيًّا، فإن تعليم الآلة يعتمد على البيانات، وتعتمد مخرجات هذا التعليم على مستوى التحليلات التي تتم على مجموعة البيانات. عادةً، يوجد أربعة مستويات من تحليلات التعلُّم المرتبطة بتعليم الآلة:

  • الوصف: ماذا حدث وماذا يحدث؟ يهتم هذا المستوى عادةً بالحقائق والبيانات والأشكال، ويُقدِّم التحليلَ التفصيليَّ. ويُستخدَم لتجهيز البيانات للتحليل المتقدم أو لذكاء الأعمال اليومي.
  • التشخيص: لماذا حدث ذلك؟ يهتمُّ هذا المستوى بفحص العناصر الوصفية، والسماح بالتفكير النقدي.
  • التنبؤ: ماذا سيحدث؟ يهتمُّ هذا المستوى بتوفير عناصر مختلفة والتركيز على النتيجة، وإثبات الاحتمالات والاتجاهات المستقبلية، وكذلك استخدام التقنيات الإحصائية مثل الانحدار الخطي واللوجستي لفهم التوجُّهات والتنبؤ بالنتائج المستقبلية.
  • التوجيه: ماذا يجب أن أفعل ولماذا عليَّ أن أفعله؟ كيف يمكن تحقيق نتيجة أو مخرجات محددة من خلال استخدام مجموعة محددة من العناصر، ينصبُّ تركيزها على اتخاذ القرارات وتحسين الكفاءة. يتم استخدام المحاكاة لتحليل سلوك النظام المعقد وتحديد الاستخدامات.

استنادًا إلى نتائج مستوى التحليلات التي يتم تنفيذها على مجموعة البيانات، تقوم الشركات بتشجيع أو عدم تشجيع سلوك معين وفقًا لاحتياجاتها؛ مما أدى هذا إلى عصر جديد من التشارك بين الإنسان والآلة والتعاون والتواصل بينهما. بينما تقوم الآلة بتحديد الأنماط، فإن المسؤوليات الإنسانية تتمثَّل في تفسير هذه الأنماط، والتوصية باقتراح مسار ما للتفاعل. باختصار، فإن تقنيات تعليم الآلة موجودةٌ هنا لمساعدة البشر على صقل وزيادة إمكاناتهم.