اعتمدت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق التابلت في النظام التعليمي رسمياً عام 2018 على طلاب المرحلة الثانوية بهدف – على حد قولها – القضاء على أساليب التعلم التقليدية القائمة على الحفظ والتلقين ومحاربة الدروس الخصوصية، فضلاً عن تنمية مهارات التفكير النقدي وذاتية التعلم لدى الطلاب. وقد لايدرك البعض أن أولى محاولات وزارة التربية والتعليم لتطبيق التابلت كانت في عام 2013، حينما قامت الوزارة بتوزيع 35000 جهاز تابلت على طلاب الصف الأول الثانوي في 6 محافظات هي (شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر، مرسى مطروح، أسوان، الوادي الجديد). ولكن هذه التجرية باءت بالفشل وتم إلغاؤها في عام 2015. فماالذى آلت إليه الأوضاع الآن بعد ثلاث سنوات من تطبيق التابلت، وهل تعتبر فترة الثلاث سنوات كافية لتقييم هذه التجربة؟
لكى نجيب على هذه الأسئلة بموضوعية ودون تحيز، لابد أن نحتكم إلى توقعات الدراسات التربوية الاستشرافية التى أجريت في بدايات تطبيق التابلت، ثم نقارنها بأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسات الحديثة بعد ثلاث سنوات من التجربة، مع توضيح لأهم الإيجابيات والسلبيات المترتبة على تطبيق التابلت في التعليم.
بداية، استشرفت معظم الدراسات التى أجريت قبيل تطبيق التابلت في التعليم عام 2018 نتائج إيجابية محتملة عند تطبيق التابلت في التعليم متمثلة فى دعم التعلم الفردى، تعزيز مهارات استخدام التكنولوجيا لدى الطلاب، سهولة وصول الطالب إلى المحتوى الرقمي والكتب الالكترونية، تمكين المعلم من متابعة الإنجاز والتقدم التعليمي لطلابه، تعزيز تكافؤ الفرص التعليمية أمام كافة الطلاب، القضاء على الغش، توفير نفقات الطباعة الورقية للكتب، تصميم اختبارات إلكترونية مميزة، تصحيح تلقائي للإجابات، سهولة تبادل الخبرات التعليمية.
وقد كانت هذه الدراسات الاستشرافية واقعية فى طرحها إلى حد بعيد حينما سلطت الضوء على أبرز التهديدات المحتملة لتطبيق التابلت مثل عدم وجود كوادر فنية لتشغيل التابلت، وجود بعض المعلمين والعاملين الرافضين لمبدأ التغيير، احتمالية إعتراض قطاع كبير من أولياء الأمور، البنية التحتية المتهالكة لمعظم المؤسسات التعليمية، نقص الموارد الفنية مثل شبكات الانترنت، التطبيق الرأسي للتجربة وبدءها بأخطر مراحل التعليم وهي المرحلة الثانوية.
وعلى الرغم من محاولات وزارة التربية والتعليم التغلب على هذه التهديدات فعلاً وحماستها نحو المضي قدماً في تطبيق التابلت رغم حملات الضغط الإعلامي طوال ثلاث سنوات، أظهرت نتائج الدراسات التقييمية التي أجريت بعد تطبيق التابلت نجاحات وإخفاقات للتجربة. فعلى صعيد النجاحات التي حققها تطبيق التابلت في التعليم، تم بالفعل تزويد أغلب المدارس الحكومية في القرى والأرياف بخدمات الوصول إلى الإنترنت، كما تم توفير محتويات المناهج بشكل رقمى على بنك المعرفة المصري، فضلاً عن إطلاق منصة حصص مصر الإلكترونية لعرض الدروس والمراجعات الدراسية. يضاف إلى تلك النجاحات، توفير النفقات التعليمية ومواصلة العملية التعليمية أثناء توقف المدارس في خضم أزمة كورونا.
أما بخصوص إخفاقات التجربة، فقد أظهرت نتائج الأبحاث ضعفاً ملحوظاً في استجابة أغلب المعلمين والطلاب نحو تغيير المناهج، فضلاً عن ضعف تدريب المعلمين والعاملين على تشغيل التابلت والاستفادة من مميزاته، وعجز خدمات الصيانة وكثرة الأعطال، وقلة جودة مواصفات أجهزة التابلت مثل قلة سعة التخزين وسهولة الاختراق والتهكير، وعدم البدء بالمرحلة الابتدائية في التطبيق.
إن المقارنة بين نتائج الدراسات الاستشرافية قبل تطبيق التابلت والدراسات التقييمة بعد تطبيقه تؤشر بشكل موضوعي وغير متحيز على جدوى تطبيق التابلت في التعليم. يمكننا أن نخلص إلى أن فكرة تطبيق التابلت في حد ذاتها حاجة ضرورية تواكب التغير والتطور الحادث في مجال تكنولوجيا التعليم، إلا أن آليات التطبيق والتنفيذ تحتاج إلى مراجعات وإعادة هيكلة من جديد لتعظيم الاستفادة من تطبيق التابلت فى التعليم. تستطيع الوزارة نفسها بما لديها من مستشارين تربويين على أعلى مستوى إجراء دراسات جدوى ودراسات علمية ميدانية للتأكد من ذلك. كما يمكن الإستماع إلى آراء المجتمع المحلي حيال التجربة لقياس مدى ملائمة الأفكار والنظريات التربوية للبيئة المحيطة.
المراجع
أبو اليزيد، إبراهيم. (2020). استخدامات شبکة الإنترنت في العملية التعليمية: رؤية تحليلية. مجلة البحوث الإعلامية, 54(54-ج 3), 1917-1978.
البنك الدولي (2018). مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر
زينهم، أحمد. (2019). التخطيط لدمج التابلت في مدارس التعليم الثانوي المصري (دراسة استشرافية). المجلة التربوية لکلية التربية بسوهاج, 64(64), 95-186.
سلطان، على. (2019). الاحتياجات التدريبية لمعلمي المدارس الثانوية العامة في ضوء متطلبات النظام التعليمي الجديد في مصر (۲۰۱۸/۲۰۱۹): دراسة ميدانية. مجلة کلية التربية. بنها, 30(119 یولیو ج 3), 1-29.
ماهر، محمد. (2021). تجربة استخدام الکمبيوتر اللوحي (التابلت) في التعليم الثانوي العام في مصر (دراسة تحليلية). دراسات عربية في التربية وعلم النفس, 130(130), 321-348.
Amer, M. E. M. (2020). Assessment for Secondary School Students’ Experiences in Using Tablet in Classroom. Journal of Education and Development, 4(2), 90.