في الوسط الأدبي، نحن نمتلك ثلاث أنواع أساسية من الأدب و هما : الرواية، المسرحية، و الشعر.. و بما أنه معروف أن الأدب فن و الفن مؤثر علي المجتمع فلأدب مؤثر علي عامة المجتمع و من هنا يأتي سؤال و هو : أيهم أكثر تأثيرا.؟ أو أي أنواع الأدب أكثر تأثيرا في العامة.؟ و للجواب عن هذا السؤال يجب أن نأخذ كل نوع ونحلله بمفرده و نظرا إلي وجود تشابه نسبي جدا بين الرواية و المسرحية إلا أننا سنضعهم في قالب واحد للتحليل و أما الشعر فسيكون في قالب لوحده نظرا إلي إنفراديته في طريقة الكتابة و القواعد.. في البداية، سنتناول الرواية و المسرحية.. الرواية و المسرحية نوعين من الأدب بينهم تشابه و لكنهم، أيضا، مختلفين و من الأشياء المتشابهة بينهم أنهم نوعين نخبويين من الأدب بمعني أنه هناك نخبة معينة هي التي تتعرض لهذا النوع الأدبي و هذه النخب هي : القراء في الأدب، المثقفين، النقاد الأدبيين فقط.. و لكل من هذه النخب هدفا من القراءة فنخبة القراء يختلفون فمنهم من يرغب في أن يصبح روائي و منهم من يقرأ للتسلية و منهم من يقرأ لأنه يسعي أن يكون مثقفا و غيرها من الأهداف لقراء الرواية أو\و المسرحية و نخبة المثقفين غردهم الإطلاع علي الأدب أما نخبة النقاد فغردها ممارسة النقد الأدبي و من النادر أن تجد أحد خارج هذه النخب الثلاث.. أما في الشعر فالأمر يختلف فالشعر ليس بالعمل الأدبي المستهلك للصفحات بل هو عكس ذلك تماما.. و هذا يجعل الشعر يمكن أن يقال في تسعة وتسعين بالمئة من المناسبات فالشعر يلقي علي المسارح، المنصات، و غيرها الكثير من الأماكن أما الرواية والمسرحية فإنهم ليسوا مثل الشعر ساهلين التنقل.. و من خلال هذه الميزة يؤثر الشعر في مشاعر العامة فيجعلها تارة مشاعر ثورية و تارة مشاعر حب و تارة أخرة مشاعر فخر و غيرها من المشاعر التي يغرسها الشعر في داخلنا و للشعر الأفضلية في مسألة المشاعر بسبب الموسيقي التي تحملها الأبيات في طيها و مع حمل المشاعر تثار مشاعر المتلقي تلقائيا.. و مثلا علي هذا أذكر بيت أبا القاسم الشابي عندما قال : إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ | فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ ألا تلاحظون كم المشاعر الثورية الطامحة للحرية و الحياة في هذا البيت فقط فما بالكم ببقية القصيدة.! و غير أبا القاسم هناك الكثير من الشعراء الذين يثيرون في نفس المرء الثورية أمثال آمل دنقل، محمود درويش، هشام الجخ، و غيرهم الشعراء الثوريين الذين يجعلوننا نشعر بنشوة الحرية و كأننا حصلنا عليها بعد قرأت شعرهم أو الإستماع له.. وهذه نماذج من أشعارهم :

" مَن قالَ ” لا ” في وجهِ من قالوا ” نعمْ”
من علّمَ الإنسان تمزيق العدمْ
من قال ” لا ” .. فلم يمت،
 وظلّ روحاً أبديّة الألمْ ! " - آمل دنقل، كلمات سبارتكوس الأخيرة

" لا تحلموا بعالمٍ سعيدْ
فخلف كلّ قيصرٍ يموتُ : قيصرٌ جديدْ !
وخلفَ كلّ ثائر يموتُ : أحزان بلا جدوى..
و دمعة سدى ! " - آمل دنقل، كلمات سبارتكوس الأخيرة

" إنها الحرب..

قد تثقل القلب.. لكنا خلفك عار العرب..

لا تصالح و لا تتوخ الهرب " – آمل دنقل، لا تصالح

" لا جُرمَ عليكِ (فلسطينُ)

لا وِزْرَ على امرأةٍ تزْني

ما دامَ الزوجُ الأصلُ دَيُوثْ " – هشام الجخ، أخر ما حرف في التوراة

" أنا والشعرُ مهزومانِ..

منفِيَّانِ..

مُعتَقَلان فيكْ

إذا ما استنجدَتْكَ القُدْسُ.. مَنْ سيُغيثْ؟ " هشام الجخ، أخر ما حرف في التوراة

" لا تتــركيهـــم يخبـــــروك بأننــــي

أصبحـــتُ شيئاً تافهــــاً ومُـــــــوَجَّــــــها

فأنا ابنُ بطنِكِ وابنُ بطنِــكِ مَنْ أَرادَ

 ومَــــنْ أقـــــالَ ومن أقــــرَّ ومن نَـــهَى " – هشام الجخ، مشهد رأسي من ميدان التحرير

" سجل
أنا عربي
أنا اسم بلا لقبِ
صَبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
 يعيشُ بفَوْرةِ الغضبِ " - محمود درويش، بطاقة هوية

" وجدّي كانَ فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
 يُعَلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ " - محمود درويش، بطاقة هوية

" أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
 ومن غضبي !! " - محمود درويش، بطاقة هوية