هل يدهشك بث صورة حية لانسان من قارة اخرى على شاشة تلفازك؟ او مازلت تَعجب من طيران اطنان من المعادن في السماء على هيئة طائرة؟

هل تستغرب في كل مرة يتحول الطقس في بيتك من صيف الى شتاء والعكس بلمسة من اصبعك و كأن فصول السنة مخزّنة في صندوق صغير على الحائط؟

هل يبهرك انتقال مركبة عبر المجموعة الشمسية مسافة 679 مليون كيلو متر في عمق الفضاء الخارجي و هبوطها بنجاح على كوكب المريخ دون وجود اي كائن حي على متنها؟

ام ان العجائب و المعاجز التي ماكان للحضارات و الامم السالفة عبر العصور ان تدرك بعضها في مخيلة، او ان تحويها في حلم، اصبحت لديك من المسلمات التي لا تستوقف عقلك، ولا تستثير لديك حواس الدهشة او تضفي عليك البهجة، باستثناء بضعة دقائق للوهلة الأولى في احسن الاحوال؟

لماذا تبحث في الحياة عن المزيد، و تسابق الناس على الجديد، و تسعى لان تجمع الفريد اذا كنت قد تحولت الى ثُقب اسود يبتلع كل ما يحيط به دون ان يستشعر بهاءه و يتأمل حسنه و يتعجب من عبقرية صنعه في كل مرة يمر عليه؟

اذا كان الانسان لا يسرح عند لمسه لنسيج من القطن الناعم الوثير، قد كان يستحيل صنع مثيله قبل بضعة قرون.

ولم يقف في السوق مذهولا ولو لبرهة كيف أن رف المعلبات يجمع مئتي صنف من كل انحاء العالم من مزارع وجبال و وديان وسهول لتكون امامه في مكان واحد حاضرة في نفس الوقت.

او لم يتخلله سرور او شعور بالمتعة لكونه يعيش في زمن الشوارع فيه مضاءة ليلاً بأعمدة إنارة كهربائية

فإنه تماما كالمحروم من كل هذه الاشياء الذي لم يتوفر عليها في حياته ولم يعش في زمانها ولم ينتفع بها، باستثناء انه يسد بها حاجته المادية دون ان يكون لها اثر على نفسه

لتجده غالبا يسْبَح في نعيم الله بنفس ملولة، قلما يجد المتعة. و إن وجدها كان من السهل فقدها و تنغيصها

شعور الانسان بالرضى والسعادة مقرون بحجم تقديره للأشياء من حوله، سواء كانت عظيمة او متناهية الصغر

لو رأيت معدماً يفترش الصحراء بلا كساء ولا ايواء و وجدته سعيداً، فاعلم انه مشغول عنك بتقدير حبات الرمل الناعمة تحت ظهره، واعتدال الجو من حوله، وجمال منظر النجوم.