لِيبِيا : بَيْنَ الْوَاقِعِ والآمال
ليبيا من بين البلدان العالم الربيع العربي التي تأتي في ذيل التنمية السياسية والاقتصادية، حسب الكثير ما يقال عنها في أزماتها الداخلية التي تشكل فيها ليبيا موردا اقتصاديا وسياسيا بغير عادي للدول الطامعة في خيراتها من مواردها الطبيعية.
وإذا كان هنالك مفهوم واحد تطبيق الوحدة الوطنية بين الشرق والغرب الليبي بالخروج من أزمات ليبيا الداخلية ، لكان على ليبيا تجنب الكثير من الصعاب من الهجرة الغير شرعية وانقسام المؤسسات السيادية الليبية وتوحيد الجيش الوطني الليبي وجملة أسباب أخرى في مقدمتها الدستور الدائم لدولة الليبية الذي يخرج البلاد بانتخابات نزيه وشرعية أخر العام بحكومة تشرع في تنفيذ العدالة الاجتماعية.
لكن ليبيا اليوم أصبحت فرصة بمعنى مختلف تماما، لتكون دولة منهارة وتسمر في وضعها الحالي لجمع الأموال والثروات منها وأداة تستعمل في إطار لعبة إستراتجية جيوسياسية في طاقتها المتعددة وذلك في مقدمتها الدولة النفطية الكثير ضياع للعدالة الاجتماعية فيها.
اليوم أصبحت الخطة واضحة في مفهومها الحرفي في فشل سياسيات ليبيا بعد الربيع العربي وبعد ثورة السابع عشر من فبراير لعام 2011 ميلادي، فشل السياسيات التنموية المعتمدة في أواخر النظام السياسي الليبي السابق، لتصبح ليبيا حلقة الوصول الى الانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ليبيا تعتبر حلقة من حلقات الوصول الى الكوارث نتيجة الى الانقسامات الداخلية بين قوى الشرق والغرب الليبي في حكومة الوحدة الوطنية وباقي المؤسسات السيادية في الشرق والغرب الليبي، لتنتج حكومة موازية أخرى في المنطقة الشرقية من البلاد.
ولتزال ليبيا في ضعف الإنتاجية والتخلف ... كل هذه الكوارث نتيجة طبيعية لعوامل القهر والاستبداد والتعسف السياسي التي كان عليها ليبيا في ماضيها، وهذا الواقع لإهمال التنمية البشرية في ليبيا لسنوات عديدة لدى جميع طبقات المجتمع الليبي ونقص بالإحساس بالمسؤولية تجاه المواطن والمواطنة الدستورية الليبية.
وبعد ما أن أورثنا المستعمر الايطالي الكوارث الإنسانية من معتقلات في غرب وشرق البلاد، جاء استقلال ليبيا الأول في التاريخ الليبي كي ضع لنا أسس الدستور الدائم للبلاد مع احترام الدولة واحترام المواطن والمواطنة في دولة الاستقلال.
وكيف أصبحت ليبيا حاسمة في ثورة الربيع العربي من القرن الحادي والعشرين، عندما اندلع التغير والإصلاح اندلع معها الحرب الأهلية بين قوى الغرب والشرق في ليبيا تدريجيا بسبب الكوارث والعدالة الإنسانية، فجعلت من ليبيا مسرحا جديد لقوى الجيوسياسية حول مطامع دول عربية وأجنبية تضمن لنفسا احتواء ما سمى الدولة الليبية المنهارة، من اجل إخراجها من أزماتها الداخلية.
لقد بدأت معاناة الشعب الليبي من قطاعه الى قطاعات أخرى لم يكن على أساس ثورة الربيع العربي، بل كان في فتح المجال أمام الدول الطامعة في خيرات الدولة الليبية مع فتح المجال على مصراعيه لعدم احترم القانون والدستورية الشرعية في البلاد في الأطر الغير مؤهلين لقيادة قطاعات ومؤسسات حيوية.
المرحلة تتطلب وضع إستراتجية وطنية موحدة بين الغرب والشرق الليبي على جناح السرعة، تتضمن قوانين تشريعية ومراسيم ومقررات ولوائح تنظيمية جديدة تعمل على إخراج ليبيا من أزماتها وكوارثها الإنسانية، تضمن ليبيا بها مواردها الطبيعية من الإطماع الجيوسياسية.
طموحات الشعب الليبي تكمن في استقرار الدولة الليبية والثقة في القيادة السياسية المنتخبة دستوريا في تشكيل أول حكومة دستورية شرعية بعد ثورة الربيع العربي لضمان وجود الدولة السيادية وعلى القائمين على الشأن العام الليبي.
بقلم / رمزي حليم مفراكس
رجل أعمال مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية