قبل الامتحان :/
بقيَت أيام قلائل على امتحان....."البكالوريا" بكل ما تحمله الكلمة من حروف عطف تزيد للطالب ثقل النطق بالإضافة إلى ثقل المعنى، "البكالوريا" الإمتحان الذي انتظرناه طيلة السنة بل من بداية المسار الدراسي وهذه هي نهايته. تمرعلي هذه الفترة بسرعة بطيئة أو قل ببطئ سريع، بطيئة عندما أتذكر قرب انتهاء التوتر ومشقة المراجعة سريعة حينما أتذكر ما تبقى لي من حفظ ومراجعة.... وهكذا إلى آخر يوم قبل الامتحان يصيبني وسواس من نوع خاص أتساءل حينها ألم أنسى أي شيء؟ هل حضرت كل ما أحتاجه؟ هل قلم الرصاص يحتاج نجارة؟ هل الآلة الحاسبة تشتغل جيدا؟ آآآ لا أحتاجها فغدا إمتحان الأدب العربي...ثم أظل ليلتي تلك يتنافس فيّ النوم والأرق فالأول تدفعه الرغبة للإرتياح حتى أستيقظ نشيطا والثاني يدفعه التوتر والتوجس لما يحمله امتحان الغد.....حتى يغلب الأول.
أيام الامتحان :/
مر اليوم الأول فشعرت كالبقية بالراحة وشعرنا بأن بكالوريا هذا العام بسيطة أولها كآخرها (وحقاً كان الأمر كذلك) إلا أن وسطها خالف طرفيها ففي اليوم الثاني لمَا أصبحنا وأصبح المُلك لله أصبحت البكالوريا مِلك لمن استطاع إليها سبيلا ، فمادة الرياضيات خالفت التوقعات وغيرت الأمزجة ولم ينفع فيها ربط الأحزمة، فبعد أن كنتُ أتساءل بكم سأنجح في البكالوريا ؟ عدت أتساءل هل حقا سأنجح ؟
مرت إمتحانات اليوم الثاني والثالث والرابع عادية فالاجتماعيات والعلوم الطبيعية متوسطة بل الحقيقة أنها أقل من المتوسط، وأما اللغات الفرنسية والإنجليزية فللحظ فيها الدور الأكبر بالإضافة إلى شيء من الحيلة في استخراج الإجابة من النص ، أتى اليوم الأخير الذي اجتمع فيه العِملاقين الفيزياء والفلسفة فالأولى بأفكارها المتجددة ومعاملها الكبير والثانية بغموضها وحداثتها لدى الطالب العلمي، وكان للجميع نفس الهاجس جعل لسان حالنا يقول "الرياضيات كانت صعبة فما بالك بالفيزياء". دق جرس بدء الامتحان فقُدِمت المواضيع وانطويت الأعناق وأحسَبُ أن أحدا لم يرفع رأسه حتى تأكد يقينا أن الاختبار سهل وأنه اختار الموضوع الأسهل وزال ذلك الهاجس فكان صباح يوم الخميس تكفير لذنوب الاثنين أما مساؤه فكل من بشعبتي الرياضيات أو العلوم التجريبية ظل يحفظ أقوال "كلود برنارد" وحجج الموافقون للتجريب في المادة الحية وبراهين المعارضون لذلك....فالكل كان معلقا آماله على هذه المقالة فإن وردت فعلامة جيدة وإلا فنقطة تقترب من معامل المادة 2 ، وُزِّعت مواضيع آخر اختبار وصدقت توقعات الأساتذة فكان أول موضوع عن المادة الحية والمادة الجامدة ولكن بصورة مغايرة قليلا لما كان متوقع.
بعد الامتحان :/
انتهت البكالوريا وتنفست الصعداء...انتهى آخر اختبار وكأنما تنحى جبل من فوق ظهري ...انتهت الحرب ولم ندري بعد الخاسر من المنتصر...أفرَش لي الوقت حينها بساطا طويلا عريضا وظللت يومها أغني لوحدي "...اليوم سأنام..." وحقا نمت ليلتها إلى أذان صلاة الجمعة.
ظل الطلبة في هذه الفترة أغلبهم متفائل بالنتيجة ورغم ذلك ففي هذه الحالة لا يمكن القول ( وعاشوا بسعادة وسلام ) فلن يذوق السلام من رسب ولن يذوق السعادة من نجح إن كان انتقاله بعد نجاحه إلى .... "الجَامِعَة ".