المصدر: http://sites.psu.edu/wplblog/2013/11/20/rcl-10-visual-rhetoric/
مع أنني قرأت فيما مضى الكثير من كتب التنمية البشرية، إلا أنني كنت أشعر دائما أنها لا تحل إحدى المشاكل الأساسية التي أعاني منها. إن تلك الكتب قادرةعلى أن تبث فيَّ روح الحماسة الشديدة وأن تشجعني على كتابة الأحلام ووضع الخطط والإيمان بأنني أستطيع تحقيق أمنياتي. لكن غالبا ما كان تأثير الكتاب يستمر معي لبضعة أيام على الأكثر قبل أن لا يتبقى منه في عقلي سوى ذكرى ضبابية عن محتواه، إلى جانب بعض خيبة الأمل في الكتاب وفي نفسي، حيث أنني لم أتغير كثيرا. ما هي إذا المشكلة التي تمنعني من أن أستفيد من هذه الكتب؟ وما هو الشيء الذي أحتاجه بشدة ولا أجده في كتب التنمية البشرية؟
أزعم أنني في الفترة الأخيرة قد توصلت إلى هذا المكون السحري الذي أغفلته هذه الكتب: إنه الانضباط الذاتي. قد ترتبط كلمة الانضباط في أذهاننا بمفاهيم سلبية مثل العقاب والإرغام إلخ، ولذلك فأريد أولا أن أوضح ما الذي أعنيه بالانضباط (عموما) وبالانضباط الذاتي (خصوصا). سأعرف الانضباط بأنه “فعل الشيء بغض النظر عن وجود مانع داخلي“. فإذا كنت أريد مثلا ترتيب مكتبي ولكنني أشعر بالكسل، فإن الانضباط يعني أن أرتب مكتبي رغم ذلك. إنني إذا سأقوم بهذا العمل الذي يتعين عليَّ فعله بغض النظر عن حالتي المزاجية. أريد أن أوضح هنا أن السبب في قيامي بهذا العمل ربما لا يكون نبيلا على الإطلاق: فربما قمت بترتيب مكتبي في النهاية لأنني تلقيت تهديدا من مديري، وأنني ما كنت لأفعل ذلك من تلقاء نفسي.
المصدر: http://inleaguewetrust.blogspot.com/2013/07/blog-post_9.html
هذا يدفعنا للحديث عن الانضباط الذاتي: وهو “فعل الشيء بغض النظر عن وجود مانع داخلي، ومع غياب الدافع الخارجي“. فإذا كان السبب في تنظيفي لمكتبي هو إدراكي بأنه يجب علي القيام بذلك حتى يتسنى لي العمل فيه، وليس لأن أحدا سيكافئني أو يعاقبني، فإن هذا هو الانضباط الذاتي.وإنني أزعم هنا بأن الانضباط الذاتي هو أهم مقومات النجاح على الإطلاق.
إننا حين نولد لا نتمتع بأي انضباط ذاتي، فنحن نريد أن نأكل حينما نجوع وننام حينما نتعب، إلخ. ولكننا مع الوقت نبدأ بتعلم الانضباط من والدينا فنتعلم أن نأكل وننام بمواعيد ونتعلم أننا أحيانا لا نحصل على ما نريده وأن علينا أن نؤدي الواجبات المدرسية. إن الانتقال من مرحلة الانضباط إلى مرحلة الانضباط الذاتي هو جزء من عملية النضج. فنجد أن بعض الأطفال ينضجون بسرعة ليصبحوا “مسؤولين” و“يمكن الاعتماد عليهم” (وهي كلها من آثار الانضباط الذاتي) في حين أن البعض الآخر لازال مستسلما لرغباته ونزواته أكثر من اللازم، فيحتاج إلى “الضبط” الخارجي من الآخرين.
يصل الانضباط الذاتي إلى أشده حينما يكون المرء قادرا على ترك والديه والعيش في بيت جديد (سواء للزواج أو منفردا)، فإن هذا الانضباط يعطي القدرة على تحمل المسؤولية. يمكن أن نرى أهمية الانضباط في أولئك الذين نعرفهم قد فشلوا في العناية بأنفسهم: فهم ينسون تحضير وجبات الطعام، وتتراكم الثياب المتسخة لديهم، ويبدو دائما أنهم غير قادرين على العناية بأنفسهم
المصدر: http://specialchildren.about.com/b/2005/11/20/question-of-the-day-messy-rooms.htm
دعونا إذا نعود لكتب التنمية البشرية التي بدأنا بها. ما هي مشكلة الكتاب الذي يطلب مني أن أكتب أحلامي ثم أن أضع خطط الوصول إليها؟ إن المشكلة تكمن في أن أنني أعاني من الكثير من “الموانع الداخلية” التي ستمنعني من فعل ذلك أو الاستمرار في فعله بعد عدة أيام من قراءة الكتاب. أستطيع أن أذكر من بين هذه الموانع الداخلية: الكسل، والخوف من الفشل، والملل، إلخ. وإذا كانت الحماسة الأولية بعد قراءة الكتاب قادرة على تشجيعي أن أبدأ بالعمل فإنها لا تلبث أن تخبو. ولذلك، يجب أن يكون هناك خطوط دفاع أخرى لمواجهة “الموانع الداخلية” بعد أن تذهب الحماسة ويذهب البريق الأولي للمهمة التي يجب تنفيذها.
لماذا إذا تبدو بعض المهام البسيطة صعبة لدرجة تقارب تسلق الجبال؟ هناك أكثر من سبب قد يجعل من الصعب علينا القيام بعمل ما، منها:
أولا: عدم الإيمان بأهمية هذا العمل أو فائدته.
ثانيا: الخوف من الفشل أو عدم القدرة على تنفيذ العمل. ويكون هذا السبب مرتبطا غالبا بالتسويف.
ثالثا: التعود على اللذات اللحظية أو الفورية، وفقدان القدرة على العمل للأهداف البعيدة.
رابعا: الإحساس بعدم تقدير الآخرين لهذا العمل.
في بقية هذا المقال أهديك ثمرة بعض القراءة (غير الكثيرة وغير المتعمقة) التي قمت بها إلى جانب بعض الأفكار الخاصة بي عن كيفية تعزيز الانضباط الذاتي وكيفية مواجهة الموانع الداخلية:
فكر في فائدة العمل الذي تقوم به: لا ينبغي أن يكون للعمل فائدة لحظية، فبعض الأعمال لها أثر كبير على المدى البعيد. لا ينبغي كذلك أن يكون للعمل فائدة بذاته: فإذا طلب منك والدك مثلا القيام بشيء لا تعتقده ذو فائدة، فيمكنك القيام به على أي حال لأنه من بر الوالدين. أما إذا فشلت تماما في أن تجد فائدة قريبة أو بعيدة، مباشرة أو غير مباشرة لما تفعله، فلا يسعني إلا أن أطلب منك عدم فعله.
ابدأ فورا: إن أصعب جزء من أي مهمة شاقة هو البدء، وبمجرد أن تبدأ، تبدو المهمة أسهل مما كانت قبل البدء فيها. لا تقض الكثير من الوقت في ترتيب المكتب وتجهيز الأدوات والاستعداد بشتى السبل، فهذه ليست سوى طريقة تتبهعا أنت لعدم البدء في العمل الذي لا تحبه.
فكر في الخطوة التالية فقط: إذا فكرت في أن عليك أن تقوم بكتابة ورقة بحثية عن موضوع معين فإن ذلك يضع الكثير من الحمل النفسي والعصبي عليك، فتبدو مهمة لا أول لها ولا آخر. ولكن تخيل معي أنك قررت أنه لا يتعين عليك حاليا سوى أن ترتب مراجعك وتلقي نظرة على محتوياتها لتعرف العناوين الرئيسية - إن ذلك أسهل بكثير. بعد القيام بذلك، فكر في أنه ليس عليك سوى أن تفكر في تقسيم مواضيع البحث الخاص بك إلى عناوين دون الدخول في محتوياتها. استمر على ذلك حتى إنهاء البحث.وجدت من تجربتي أن هذا الأسلوب من أنجح الأساليب لإنهاء المهام التي تبدو مستحيلة.
أبعد الملهيات: إذا كان برنامج المحادثة مفتوحا على جهازك وأنت تعمل، فإنه يكفي أن يرسل أحدهم إليك رسالة “كيف حالك؟” حتى تجد أنك تركت العمل وبدأت في محادثة لا فائدة منها. حاول أن تبعد الملهيات قدر الإمكان:ابتعد عن التلفاز والسرير. أغلق الحاسوب إذا كنت لن تحتاجه في عملك، أو أغلق البرامج الأخرى التي لا تحتاجها إذا كان عملك على الحاسوب.
اتبع أسلوب “بومودورو” في إدارة الوقت: إذا بدأت العمل في مهمة ما، فاعمل عليها بدون انقطاع لمدة 30 دقيقة، ثم استرح لمدة 5 دقائق. لا يمكنك خلال فترة العمل أن تفعل أي شيء إلا العمل: لا تذهب إلى المطبخ لتشرب ولا تدخل الحمام ولا ترد على الهاتف. إذا اضطررت إلى فعل ذلك، لا تحسب الوقت الفائت وابدأمن جديد. خذ استراحة طويلة (30دقيقة) كلما أنهيت أربعة فترات من العمل.
استخدم أسلوب الثواب والعقاب: كافئ نفسك عند القيام بعمل جيد وعاقبها على عدم الالتزام.
أرح جسدك: تأكد من حصولك على ما يكفيك من النوم ومن الطعام الصحي ومن الرياضة.
حمس نفسك: هل تذكر كتب التنمية البشرية تلك؟ أرجو ألا تكون قد ألقيتها بعيدا فهنا يأتي دورها: فالحماسة التي تبثها تلك الكتب هي أحد المكونات الأساسية للانضباط الذاتي
(ملحوظة: تم نشر هذا الموضوع من قبل على deepfekra)