في وقت مضى وقبل سنوات عِدَّة كانت إحدى الصديقات والتي ساقها رِزْقُها إلى مدينة بعيدة عن أهلها، تحدثني عن مدى شوقها لأمّها
فسألتها كم من ( الأيّام) لم تزُرْها؟!
قالت: تجاوزت الشَّهر!
قلت: يا صبر قلبك!!
وقلت(بغرور) عفا الله عني: طول حياتي لم أتجاوز الاسبوعين أو الثلاثة بُعْدًا عن أمي!!
ما كنت أتخيل أني أقوى على البعد عنها، 
ولم أعلم أن هذا ليس بفضْلٍ مني إنما النصيب الذي قرّبني منها ولم يبعدني!!

والآن وبعد تلك السنوات أود والله أن أعتذر لصديقتي وأقول أتى ما يبعدني (قسْرًا) عن أمي!!

في الحقيقة لا تُعد غُرْبتي غُربة ولا بُعدي بُعْدًا!
ولكن هذا حال وشعورٌ (سيء) ممن عُلّق قلبها بأهلها :) 

إنما الغربة لأولئك الذي يبِتون بلا مأوى!
لمن سُلبت منهم أوطانهم.
لمن نشأ في ظِلِّ الحروب ولم يذق طعمًا للأمان والاستقرار، وللذين فرّقت جمعهم!

الغربة لأولئك الذين لا يجدون من يُشاركهم يومهم، يُحادثهم عن أدق التفاصيل!

الغربة هي لمن لم يجد في وطنه وأهله ما يُحِب!

الغربة أن تَضعُف وتهزِمك نفسك ولا تجد من يأخذ بيدك وتستنِدُ على كَتِفَه!

وأخيرًا، الغربة أن لا تجد لذَّة في مناجاة الله.



عَائِشَة.