حدثني - باعجاب شديد - عن قوة صاحبه ، وصف لي - بانبهار  - عضلاته المفتولة ،  حكى لي - بحماس- عن انتصاراته :

انتصاراته : شتيمة قببيحة وجهها لأستاذ ، أو ضربة قوية سددها لزميل ، أو دم أساله من أنف ضعيف مسكين! .

استمعت اليه، ثم قلت له : اتدري يا بني ما البطولة ؟

البطولة في نظري أن تكون صادقا بين كذبة ، ان تكون صريحا في وسط منافقين.

البطولة يا بني ليست خشونة في الصوت ، و لا ضخامة في الجثة ، و لا صلابة في العضلات ... كلا:

ان البطولة خشونة مع الطغاة و رقة مع المستضعفين ،

انها رحمة بالمطحونين و صلابة مع الاستغلاليين،

انها يا بني :ضخامة في الفكر و ضمور في الصوت .

البطولة يا بني أن نكون واحات وسط الصحراء ، نورا ينبثق من رحم العتمة ، اغنية تعلي الهمة ... 

البطولة يا بني أن نكون مبدعين، مختلفين ،مجددين .... 

هذه هي البطولة في مذهبي و اعتقادي .

أما البطولة التي تقاس بضخامة الجسم ، و قوة العضلات، و شدة الضربات... فهي لعمري بطولة جديرة بعالم الحيوانات ... و اعذرني .

ثم أضفت موضحا فكرتي : قل يا بني :  من الأقوى : صاحبك أم الأسد ؟ من الأصلب  : صاحبك أم البغل ؟ من الأعند : صاحبك أم الثور ؟ 

قل لي بالله عليك ؟ من الأقوى و الأصلب و الأعند ؟ انها الحيوانات بلا ريب . اذن فهنيئا لها هذه البطولة : البطولة الحيوانية ! .

أما أنا فأبشر ببطولة إنسانية : بطولة قائمة على العقل المستنير ، و النفس المطمئنة، و القلب الكبير .

هذه هي البطولة التي اريدها يا بني ، بل اني أتجرأ فأقول  : انها البطولة التي يريدها الله - و ليعفو عني ربي ان كنت مخطئا-:

الم يكرمنا الله بالعقل ؟ 

ألم يأمرنا بإعمار الأرض ؟

ألم يدعنا الىنشر  الرحمة ؟ الم يحثنا على تحقيق العدل ؟

اذن فلنثر على الجنون و التخلف و التعصب،  و هي ثورة عقلية روحية سلوكية ، انها ثورة انسانية ... و هي ثورة دونها عقبات و تضحيات ، انها ثورة تحتاج الى أبطال ، و لكنهم أبطال انسانيين .