منذ أكثر من عام يدور الخلاف على قانون الحرس الوطني في أروقة البرلمان العراقي بين تحالف القوى العراقية وكتلة التحالف الوطني، حيث يرى تحالف القوى بأن يقتصر تشكيل الحرس الوطني بالحكومات المحلية لكل محافظة دون الدمج بين المحافظات الأخرى أو الارتباط بالقائد العام للقوات المسلحة أو وزير الدفاع، لتعزيز الامن الداخلي للمحافظات الساخنة.

وأنقسم التحالف الوطني بشأن القانون بين مؤيد ومعارض حيث أعترض بشدة بعض مكونات التحالف مثل حزب الدعوة ومنظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق على تشكيل قوات الحرس الوطني للمحافظات الساخنة، في المقابل يحظى القانون بتأييد الأحزاب الشيعية الاخرى أبرزها المجلس الأعلى والتيار الصدري، ولم يكن رأي المرجعية الدينية في النجف غائب عن هذا الصراع حيث أعلنت تأييدها للقانون بشرط أن يضم جميع التشكيلات المسلحة من الفصائل الشيعية ومقاتلي العشائر السنية.

في حين ان الحكومة العراقية أيدت فكرة لجنة الامن والدفاع البرلمانية بإعادة العمل بقانون التجنيد الإلزامي بدلاً عن قانون الحرس الوطني، الذي كان معمولاً به قبل عام 2003، لتفادي الخلافات السياسية التي تسبب بها قانون الحرس الوطني طيلة الفترة الماضية، مع تحفظ التحالف الكردستاني على قانون التجنيد الإلزامي، معتبرين الاقتراح خدعة جديدة للالتفاف على القانون الحرس الوطني.

قانون التجنيد الإلزامي من الناحية النظرية سيكون بديلاً لقانون الحرس الوطني ومحاولة لإلغاء جميع ما أعد من فقرات في قانون الحرس الوطني لإنهاء التوترات الحالية في المناطق السنية، والذي رسم له بعناية منذ فكرة ولادته على أن تكون المناطق خاضعة أمنياً لسيطرة أهلها بشكل قانوني ودستوري، وفي وضع العراق السياسي الحالي لن يكون هناك جدوى من تشريع قانون التجنيد الالزامي على أرض الواقع لأنه ولد بديلاً سياسياً وليس فكرة أساسية، وتحدياً دبلوماسياً بين الكتل السنية والشيعية.

ومن خلال المعطيات الأمنية أن قانون الحرس الوطني يخدم المكون السني دون الضرر بالمكون الشيعي إطلاقاً، لكن المليشيات المدعومة من إيران تعرقل ولادة قانون الحرس الوطني لتحافظ على سبب وجودها، لكن في المقابل ان السياسيون السنة لا يتقنون فن التفاوض الذي يلعب دور كبير في استحصال حقوق جمهورهم، ويجب ان لا ننسى بديل قانون الحرس الوطني لن يلغي الجيش الحالي الذي تأسس وفق منهج طائفي، ولن يسرح الجنود المتطوعين فيه، وسيكون وجودهم صورياً لا أكثر، في الوقت الذي يتفق غالبية الشعب العراقي على ضرورة وجود جيش ولائه للعراق وليس للعابثين وللسراق والمليشيات بغض النظر عن الزاميته وطواعيته، لكن الخطر يكمن في من يتحكم بهذا الجيش فالواجب قبل ان نتكلم بالجيش الإلزامي فلنتكلم عن قادة العراق في الحكومة الحالية هل هؤلاء سيقودون الجيش ؟! إذ كانوا هم مسيرون فكيف سيسيرون الجيش؟ وهل العراق بحاجة الى تجييش أكثر مما هو مجيش الأن ؟! فلو نزل اي شخص منا الى الشارع لرأى ما كنا نراه في زمن النظام السابق عندما جعل من كل ثلاثة عراقيين أربعة مجندين.