ترجمة شخصية أدبية من مقال ل جين غراندمين في مجلة عزيزي الإنطوائي .
إذا كنت شخصاً فائق الحساسية مثلي، فأنت تعرف أن أشياءً قليلة يمكن أن تكون كثيرة جداً. البيئات المزدحمة، الصور العنيفة في الأفلام، أو عطلة نهاية الأسبوع مع القليل من الوقت المهدور يمكن أن يؤكدوا لك ذلك، لأنك حتى في تناغمك مع بيئتك و الآخرين، يمكن أن يحدث ما يجعل الحياة مرهقة جداً لك، مما يؤدي بك إلى أن تنسحب و ترتد، والأشخاص غير الحساسين لا يفهمون.
لكن ليس هنالك شيء خاطئ بك و لست وحدك هكذا. في الواقع، الحساسية الفائقة أمر شائع إلى حد كبير. توجد في 15 إلى 20% من السكان.وفقاً للدكتور إلين آرون مؤلف كتاب " الشخص فائق الحساسية"، الإنطوائيون والمنفتحون يمكن أن يكونوا حساسين على حدٍ سواء. و كذلك الآخرين من جميع أنواع الشخصيات، برغم أنها أكثر شيوعاً بين نمط INFP و INFG. ما هو نمط شخصيتك؟ قم بعمل اختبار من هنا .
للأسف، لأن الكثير من الناس لا يفهمون ماهي الحساسية الفائقة، ستجد أنه يمكن أن يقال لك أنك "معقد" أو " تبالغ فقط". ربما شعرت دوماً أنك مختلف عن الآخرين، لكن لم يكن لديك اسم لما أنت عليه.
الحساسية العالية ممكن أن تجعل الحياة صعبة لكن لن تجعلها مستحيلة. عندما أكون مستغرقاً في روتين الأعمال الشخصية أنسى حساسيتي. لكن رحلتي الأخيرة ذكرتني كيف أن إحساسي يمكن أن يحترق بالكامل. كنت أسرع في الإنتقال من نشاط إلى آخر، حانات مزدحمة ومطاعم صاخبة، و مقابلة أناس جدد كثيرون. وأعلى مقابل كان هو أنني لم أحصل على نومٍ كاف ولا تمرين يجعلني أشعر أنني بخير، أقصد كتمارين تنشيط آداء القلب و اليوغا. بعد خمسة أيام من " العطلة"، كنت مقليَّاً بالكامل.
كيف يمكننا كأشخاص حساسين للغاية التعامل مع سمَتنا؟ هنا اثنا عشرة شيئاً نحتاجهم:
1- وقت لإزالة الضغط
صخب، بيئة مزدحمة، مثل سوق ضاج في يوم عطلة، حفل موسيقي و حفل كبير، كل هذه يمكن أن تعيث فساداً في الجهاز العصبي للشخص الإنفعالي و شديد الحساسية. و بالمثل، الجداول المعبأة و حالات الضغط العالي مثل مقابلة عمل أو أول يوم في مدرسة جديدة. يمكن لهذه الأمور أن تكون محفزات فوق المعدل الطبيعي. إذا كنت تعرف أن هذه الأشياء ستضعك في حالة تحرقك تماماً، خطط لبعض الوقت تقوم فيه بإزالة هذه الضغوط. من الأفضل أن تفعل ذلك وأنت لوحدك.
2- علاقات لها معنى.
نحن نشعر بالملل و عدم الراحة مع العلاقات التي تفتقر إلى المعنى و التفاعل الداخلي. وفقاً لآرون، هذا لا يعني أننا نميل إلى التنقل بين العلاقات. بل أننا نعمل جاهدين لتكون علاقاتنا ملهمة و مفعمة بألفة وانسجام في الحوارات. هذا يعني أيضاً أننا انتقائيين في اختيار الناس الذين نسمح لهم بالدخول إلى حياتنا لكي نبدأ من جديد. و من المثير للإهتمام، أن كثيراً من الأشخاص الحساسين عظيمون في اهتمامهم بأن يكونوا في علاقات ليست ذات قيمة لهم فقط بل وأن تصل قيمتها للآخرين في العلاقة أيضاً. إنهم يولون اهتماماً كبيراً لما يريده الآخرون. آرون يدعو هذا " حساسية زميلة" _هذه الترجمة الفائقة لمصطلح mate sensitivity لكنني أدبياً أترجمها حساسية صديقة، وهي أفضل من ترجمة " حساسية زوجية" أو متزاوجة. إذ ليس بالضرورة أن يكون الطرف الآخر في العلاقة ذا اهتمام متناظر لما يبديه الطرف الأول._ حساسية صديقة أي القدرة على إرضاء الشريك بشكل سريع و العمل بحرص على ذلك. يذهب هذا السلوك للعائلة والأصدقاء و زملاء العمل أيضاً.
في الأساس، هذا السلوك يجعلنا سعداء لأنه جعل الآخرين سعداء.
3- الناس الذين يقدمون لنا الدعم.
الناس الحساسون قد يبكون ويصبحون عاطفيون للغاية. " الحساسون لايمكنهم المساعدة ولكنهم يعبرون عما يشعرون به" يضيف آرون في هافينغتون بوست " إنهم يعبرون عن غضبهم، يعبرون عن سعادتهم، تقدير هذا أمر مهم للغاية."
4- إدارة الصراعات بعناية و لُطف
لا يهم من تكون. التصارع مع شخص محبوب أمر مأساوي. الناس الحساسون يقلقون بشكل مضاعف عندما ينشأ صراع، تبدأ المعارك الداخلية بأخذ مكانها. نحن نشعر بالتمزق بين احتياجنا للتحدث عما نعتقد أنه الحق و بين الصمت لعدم إثارة رد فعل غاضب من الشخص الآخر. نخضع غالباً للتخلي عن احتياجنا لأننا نفضٍّل الإنسجام والألفة على القتال. من ناحية أخرى، يمكن للحساسين إيجاد حل آخر لهذه النزاعات، لأننا نميل إلى أن نكون مع وجهة نظر الآخر. لدينا مستويات عالية من التعاطف و يمكن أن نضع أنفسنا بسهولة في حذاء شخص آخر.
5- وقت لإنجاز الأمور
الأناس الحساسين يشبهون تباطؤ وتيرة الحياة. نحن نحب دراسة جميع الخيارات لدينا قبل اتخاذ أي قرار وهذا ينعكس بشكل واضح على خياراتنا. نكره الجداول المزدحمة و التسارع من حدث إلى آخر. أحد أصعب أجزاء يومي خلال الأسبوع هو التحرك في الصباح و ترك شقتي في الوقت المحدد. في صباح السبت، عندما لا يكون هناك عمل، أذهب إلى أماكن لها خصوصية عندي. هذا أمر هادئ و مناسب للإنجاز، يجعلني أتصالح مع فكرة الخروج بدون ارتداء ملابس مناسبة و الذهاب إلى أي مكان في أي وقت بلا تخطيط.
6- الكثير من النوم
قلة النوم ( أقل من سبع ساعات في الليل، بالنسبة لمعظم الناس) يجعل الشخص العادي متعكر المزاج وقليل الإنتاجية. أما قلة النوم لشخص حساس يمكن أن تجعل الحياة لا تطـاق تقريباً! الحصول على نوم كافٍ يبلسم حواسي و يساعدني على معالجة أفكاري و مشاعري. كمية النوم التي أحصل عليها يمكن حرفياً أن تصنع أو تدمر يومي. بدون نوم سليم، كل الضغوطات القليلة ستبدو أسوأ عشرات المرات.
7- وجبات صحية على فترات متباعدة بصورة منتظمة خلال اليوم
عندما كنت لا أتناول طعامي بانتظام، كنت أجوع. حسب آرون عندما يحدث هذا يؤدي إلى تعكر مزاج الشخص الحساس و يفقده تركيزه. لدرء التصرفات والنزعات المفاجئة الغريبة التي تصدر منا عند الإنفعال، يجب تنظيم مستوى السكر في الدم من خلال تنظيم الوجبات خلال اليوم.
8- خيـارات خالية من الكافيين
الأشخاص الحساسين ( مفاجأة...مفاجأة) يتحسسون من الكافيين. أنا أشرب كوب واحد من القهوة في الصباح للذهاب إلى العمل بانتعاش، لكنني أمضي بقية اليوم بدون أي شيء من مادة الكافيين، حتى كوب النعناع قذفته و تحول وقته إلى الليل. الكثير من الكافيين يصيبني بعصبية شديدة و يؤدي بي إلى إنهاء الأمور بصورة غير مريحة. إذا كنت حساساً و تضع في عين الإعتبار التقليل من شرب القهوة و المشروبات الغازية و الشاي، احترس من مصادر تحتوي على الكافيين بطريقة مستترة. مثل الشوكولاته. لعلمك، كلما زادت قتامة لون الشوكولاته، كلما احتوت على كافيين أكثر. مثلاً، قطعة من هيرشي تحتوي على 31 ملغ من الكافيين، أي ما يقارب علبة كوكاكولا.
9- فضاء يجاورنا..
إذا كنت تعيش مع آخرين، تأكد بأن يكون لديك مكان هادئ يمكنك التراجع إليه عند الحاجة إلى الإبتعاد عن الضوضاء و الناس، و أن تشغل موسيقاك المفضلة لحجب أي ضجيج خارجي.
10- إضاءة منخفضـة
إذا كان ممكناً، أطفئ الأضواء العلوية في منزلك و مكتبك واستبدلها بالمصباح.
11- وقت للتكيف مع التغيير
التحولات ليست سهلة على أي أحد. ( مرحباً.. من حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟) لكن بالنسبة للأناس الحساسين، يمكن أن تكون التحولات قاسية بالفعل. حتى التغيرات الإيجابية مثل الإنتقال إلى منزل جديد أو بدء علاقة جديد، يمكن أن تكون أكثر من فائقة التحفيز وتتطلب وقتاً للتكيف معها. مثلاً، انتقلت إلى شقة جديدة رائعة في مدينة ممتعة، لكنني وقعت حرفياً في حالة غير جيدة لأشهر إلى أن استطعت العودة إلى حالتي الطبيعية.
12- جمال و طبيعة
مثل أغلب الناس الحساسين، أنا أتأثر جداً بالبيئة المحيطة بي. بالأخص الطريقة التي ينظرون إلي بها. تشوش، فوضوية، أو فقط بيئة مزدحمة من السهل أن تزعجني. أشعر بالراحة عند قضاء الوقت في الطبيعة و مع جيراني المفضلين. أو شقتي ذات التصميم البسيط، خاصة عندما تكون مرتبة و نظيفة!
عندما يتعلق الأمر بذلك، فإن المفتاح هو أن تقوم باحتضان حساسيتك الخاصة لا الوقوف ضدها. الأشخاص الحساسين صنعوا قادة غير معقولين، و شركاء وأصدقاء. لدينا مستويات عالية من التعاطف ونحن في العادة مبدعون و مدركون. ربما العالم يستخدم هذا التحسس بإبداع أكثر مما نفعل.