طرح أحد الاخوة في مجموعة على احدى منصات التواصل الاجتماعي منشوراً يطلب من المتواجدين مشاركة فكرتهم عن الاستقرار، ومنذ ذلك الطرح أتساءل فعلا عن هذا المعني، فعدت الى معجم المعاني لأجد:

  • الثبات على حالة معينة دون تبدل.
  • المتانة والرسوخ والصلابة.

وبالرغم من كوني اعتقد – فيما سبق – ان الاستقرار أحد مرادفات الركود في أحد حالاته لذلك كنت أفر منه أينما وجدته. إلا أن السؤال المطروح أعاد هذا المفهوم لشاشة البحث والتأكد.

قادني تفكيري بداية الى الموت كفكرة أساسية لمفهوم الاستقرار وذلك لإن معنى الاستقرار يتمثل في "حالة لا تتغير" وإذا عدنا للنظرة العامة للأشياء فان الشيء الثابت الوحيد هو التغير وليس الثبات، وهذا يأخذ في حسبته عامل الوقت كبعد مهم من أبعاد الحياة, فطالما ان الوقت يمضي فحتما الأمور ستتغير – هذا الوقت سيمضي – والوقت في مفهومي يقترن بوجود الحياة فإذا ما توقفت الحياة توقف الوقت - بالنسبة للميت -  وأصبحت حالة التغير لا تعمل مع حالة العدم (الموت) وعندها يعم الاستقرار.

لكن بالاستناد الى تعريف الاستقرار  على انه : ثبات حالة معينة دون تبدل، يمكننا النظر الى الموضوع من زاوية أخرى أكثر قربا، فالثبات لا يعني الركود (ركد : سكَن وهدأ وثَبتَ) فحسب بل انه يمكن ان يكون هناك ثبات مع وجود حركة، وامثلة ذلك كثيرة ومنها سرعة الرياح خلال فترة زمنية، وثبات المركبات على سرعة معينة في الطريق، والانارة التي تعمل بمجرد ان تضغط على مفتاح الإنارة والساعة التي تدور معلنة الوقت. ونحن نعلم علم اليقين ان هذه الحالة تثبت في فترة زمنية معينة ثم تتبدل عند تغير المدخلات الى النظام لتؤثر على المخرجات. 

ان الحياة الإنسانية لفرد ما لا تغطي خط الزمن من نقطة الصفر الى ما لا نهاية – بالنسبة للزمن نفسه – وإنما تعتبر حالة وجودية في فترة زمنية معينة يمكن تقسيمها الى فترات أخرى – الطفولة والبلوغ والشباب ...الخ – وإذا ما نظرنا لجزء من الوقت في حياتنا فلا بد أن يتخلله بعض الثبات. الا ان لفظة استقرار في المعرفة لدينا لا ترتبط بذلك الجانب السيء من الفكرة وإنما بذلك البعد الإيجابي منها حيث تكون النفس هادئة والأفكار سلسة واضحة، بينما قد نستخدم كلمة جمود او ركود في وصف الجانب السيء من الثبات، وإذا عدنا لما يمثله الاستقرار من معنى فإنني أجد ان هذه الحالة هي نتيجة متحصلة – مخرجات – لنظام شكله الانسان لنفسه بناء على معرفته بذاته، وعليه فالاستقرار كنتيجة يحتاج الى:

  • نظام جيد يتناسب مع قدرات الانسان وإمكانياته ومبادئه و قيمه.
  • مدخلات جيدة مع قدرات الانسان وإمكانياته ومبادئه وقيمه.

وعليه فأنه يمكنني القول ان الاستقرار حالة نفسية يصل اليها الإنسان من خلال بناء نفسه بناءا صحيحا يستند فيه الى الإلمام الجيد بذاته, وهذا يقود بطبيعة الحال الى السؤال " كيف للانسان أن يعرف ذاته " ؟