أسر لي صديقي نجدة عن تعجبه وعدم فهمه للوعات المحبين ومعاناتهم وكيف يصورن أن حياتهم تكون سوداءً وصدورهم تضيق كلما بعدالحبيب.
وكان يقول: يا معزي، مبالغات الشعراء! فهم -كما تعلم- يقولون ما لا يفعلون.
فقلت في نفسي: ما دام أن الأمر وصل إلى الاستشهاد بالقران فلا مناص من موافقته وإلا فالأحكام المسبقة ستنزل من السماء!
فقلت: نعم يا نجدة لا شك أن ما ذهبت إليه صحيح.
وبعد مدة وجيزة واجهته ضائق الصدر مسود الوجه كأن جبال الدنيا ما طاب له الوقوف إلا على صدره فقلت: علامك يا رفيق؟
قال: الحب!
قلت: الحب! أالحب؟ يا نجدة؟ الذي كنت تكذبه؟ ولا تصدق المقولات والشعر فيه.
فقال: ما غيرت رأيي ولن أغيره- كان نجدة معتدا برأيه عنيدا كأنه الصم من الجبال لا يغير رأيه أبدًا- ولكني أحب من لا يحبني وهذا مختلف!