بحجة احداث 11/09 /2001  وتدمير برجي التجارة العالميين ومقتل من اكنوا به, أقدمت الولايات المتحدة ودول الناتو بحملة عسكرية همجية على افغانستان,استطاعت خلالها ازاحة طالبان عن الحكم, ونصبت عملاءها على مدى عقدين من الزمن, ولكن هل استطاعت القضاء على التنظيم المسلح(القاعدة) الذي صنعته واشرفت على تربيته حتى نمى وترعرع في احضانها, واستخدمته في محاربة الكفرة الروس, لقد انقلب السحر على الساحر.

لم تكتف امريكا بغزو افغانستان بل اقدمت بعد سنتين فقط على غزو العراق بحجة امتلاكه اسلحة الدمار الشامل, تطور تنظيم القاعدة ليتناسب والظروف البيئية الجديدة شانه في ذلك شان اي فيروس يعمل على التعايش مع الواقع, انتقل التنظيم الجديد الى بلاد الرافدين واتخذ لنفسه اسما جديدا هو (داعش),ليسرح في العراق وسوريا ويقيم مجازر في حق المواطنين تنم عن مدى الفكر التكفيري الذي نهل منه على يد مؤسسيه امريكا والغرب, الحاقدين على الاسلام,ليلصقوا التهمة باتباعه بهدف محاربة الاسلام وبث روح الكراهية والعداء له.

 استخدم الامريكان مختلف انواع الاسلحة بما فيها تلك المحرمة دوليا ضد الشعب الافغاني,أفاد تقرير صادر عن مكتب المساءلة الحكومية؛ أن “الولايات المتحدة” أنفقت حوالي 83 مليار دولار، خلال العقدين الماضيين, على تدريب الجيش الأفغاني والذي تجاوز تعداده  300 الف عسكري. كما قامت بتجهيزه وشمل المبلغ شراء أكثر من75 ألف مركبة؛ وحوالي 600 ألف قطعة سلاح؛ وأكثر من 200 طائرة مروحية. وأعلن الجيش الأفغاني، في يوليو 2021، عن وصول 35 مروحية من طراز (بلاك هوك) وثلاث طائرات من طراز (سوبر توكانو).جميعها وقعت في ايدي طالبان, غنيمة كبيرة ولا شك.

مع اعلان انسحابها المفاجئ, لم يصمد الجيش الذي ادعت تدريبه سوى بضعة ايام, فكان الزحف الطالباني الهادر, لاذ عملاء امريكا بالفرار مصطحبين معهم ما غلا ثمنه وخف وزنه, كان المشهد المأساوي لألاف الافغان العملاء وهم يتدافعون نحو احدى طائرات النقل العسكرية المتأهبة للإقلاع, سقط العديد بين قتيل وجريح, المؤكد ان امريكا لن تؤوي كل العملاء, تركتهم لمصيرهم فإما ان يمن عليهم الغرب او ان يقعوا بين ايدي طالبان, فإما منا واما اذى.

ما حدث يعتبر ولا شك هزيمة نكراء لأمريكا ومن تعاون معها من الدول, واكبر دليل على السياسة الحمقاء لرؤسائها المهووسين بجنون العظمة والقوة, لم تنفعهم قوتهم في المكوث طويلا بالبلاد, بل استنزفت قدراتهم ومرغت انوفهم بالتراب, المستعمر الى زوال.ما ضاع حق وراءه مطالب, ولن يبق بالوادي الا حجره.

المؤكد ان ما اتخذه الرئيس بايدن هو قرار شجاع وجريء, إيقاف هدر المال وحفظ الارواح,ربما كانت سنوات الاحتلال كفيلة بعودة الضمير الانساني الى مكانه الطبيعي المتمثل في احترام حقوق الاخرين في التعبير عن آرائهم وممارسة شعائرهم  الدينية ويجب ان يسود الاحترام المتبادل بين شعوب الارض,وحل الخلافات بالطرق السلمية.

رحيل مر ولا شك.. فهل تعتبر امريكا مما حدث؟ ام انها تحاول اللعب في مكان اخر يجر عليها الخزي والهزيمة, التقنيات الحديثة اظهرت اكثر من قوة اقليمية,تمتلك مختلف انواع الاسلحة,كما ان هناك دول اخرى ازدهرت اقتصاديا, زمن القطبية الاحادية قد ولّى الى غير رجعة ,الدب الروسي والتنين الصيني يواصلان التغلغل في افريقيا والشرق الاوسط حيث المياه الدافئة, لهما فيها اكثر من موطئ قدم.

  ميلاد عمر المزوغي