كانت حملة دونالد ترمب الرئاسية منذ انطلاقها عبارة عن نسخة واقعية من موقع تويتر تحاكي الأحداث الجارية والتفاعلات المواكبة لها. يقوم أساس ترشُّحه للرئاسة على المراشقات التويترية والشتائم التي ترافق الأحداث الساخنة، والتهدئة اللحظية لمظاهر القلق، وتوجيه لكمة إلى وجه اللياقة السياسية Political correctness لكن دون وجود أية برامج موثقة للتنفيذ.

ما زال ترمب مُبدعا حقا في رغبته في جمع توجهاته من مختلف التيارات: من اليمين الانعزالي واليمين المتطرف واليمين المتوسط واليسار المتوسط. لو كنت أخوض سباق الرئاسة لمارست نفس السياسات بنفس الطريقة: ليس كليبرالي أو كمحافظ أو تحَرريّ libertarian أو وسطيّ centrist.

سأخوض السباق كمتطرف.

تحتوي الأجنداتُ التي من الممكن أن تجعل أميركا عظيمةً من جديد أفضلَ أفكار اليسار المتطرف واليمين المتطرف. من المبكر أن يكون هذا العام مناسبا لمثل هذا البرنامج الراديكالي لكن بحلول عام 2020 - وبعد حدوث المزيد من التقلبات الجوية الحادة وبعد أن تحل المكائن محل الطبقة المتوسطة في الوظائف وبعد أن تزيد معدلات حوداث إطلاق النار وبعد زيادة عدم الانتظام العالمي- سيُدرك المُصوِّتونَ أن الأحزابَ اليمينية واليسارية العالقة لا تملك إجابات كافية للعصر الـ"ما بعد صناعي" الذي نعيشه. التسارعات في قانون Moore، والتغيرات التي تُحدثها الأسواق والتغيرات المناخية في أماكن العمل، والبيئة والولايات القومية nation-states تُشعر الناس بعدم الأمان وعدم الاستقرار.

حان الوقت لتطرف لا حزبي حقيقي، التطرف الذي يحتوي برنامجه على التالي:

1- نظام single-payer صحي شامل. إذا كان هذا النظام فعالا في كندا وأستراليا والسويد ويُقدِّم خدماتٍ صحية ومخرجات أفضل بأسعار أقل فسيكون فعالا لدينا وسيدفع الشركات الأمريكية خارج قطاع الخدمات الصحية.

2- توسيع حسابات ضرائب الـ earned-income لتفوق دخل ذوي الدخل المحدود وتقديم الضرائب العكسية للدخل لضمان دخلٍ حكومي لكل أمريكي. سنحتاج إلى الاثنين في ظل عصر المكائن التي تلتهم الوظائف البسيطة.

3- وجود معايير ثنائية الأساس للتعليم مشابهة لنظام law of the land لزيادة النماذج التعليمية على مستوى الدولة كي يُحقق خريجو المرحلة الثانوية مستويات عالية في المهارات التي تتطلبها الوظائف الممتازة بشكل متزايد. لكن يجب أن تُقدمَ هذه المعايير العالية على مراحل عندما نتحدث عن الدعم المالي وذلك كي نُعطي كل معلّم وقتا للتطور الاحترافي ليتعرف على المنهج الجديد الذي تتطلبه تلك المعايير وليشتري الأدوات الضرورية لتدريس ذلك المنهج.

4- التحكم في هجرة ذوي المهارات الضعيفة بينما نقوم بإزالة كل شروط الحصول على فيزا H-1B بالنسبة للعمال الأجانب المحترفين، ومضاعفة دعم البحوث في مخبراتنا الوطنية ومعاهدنا الصحية. لا توجد معادلة قادرة على خلق وظائف جديدة ممتازة مثل هذه.

5- وضع حوافز جديدة ومتسارعة للضرائب وإزالة كل العوائق الروتينية لتطوير bandwidth سريع جدا للخطوط الأرضية واللاسلكية لضمان حصول الجيل القادم في أمريكا على خدمات انترنت متطورة. كذلك يجب اقتراض 100 مليون دولار حسب أسعار الفائدة الحكومية المنخفضة جدا لتطوير الموانئ والمطارات والشبكات الكهربائية ولخلق وظائف أيضا.

6- حظر صناعة وتجارة كل أنواع الأسلحة شبه الأوتوماتيكية والأنواع الأخرى من الأسلحة ذات الطابع العسكري وفي المقابل تعلن الحكومة عن عروض للمواطنين لشراء أي بنادق أو مسدسات. لن يكون هذا حلا للمشكلة لكنه أثبت في أستراليا فعاليته في تخفيض عدد الوفيات الناتجة عن استخدام الأسلحة.

7- لتمويل كل هذا نحتاج إلى حلول مبتكرة تدريجية وبرنامج ضرائب تُحفز انطلاق المشاريع والتوظيف. يعني ذلك شطب كل ضرائب الشركات والدخل الضريبي والاستقطاعات الشخصية ودعم الشركات واستبدالها بضريبة الكربون وضرائب استهلاك القيمة المضافة (عدا سلع البقالات وبعض الاحتياجات الأخرى) وضرائب على الذخيرة وكل المشروبات السكرية مع تعويض أقل المنتفعين.

نحتاج إلى نظام ضريبي يُقلص كل ما لا نريده كالكربون والسكر والذخيرة ويُحفز كل ما نريده. إذا شطبنا ضرائب الشركات فسيرغب الكثير منها في الانتقال إلى أمريكا وسيرغب المقيمون في جلب الأرباح الخارجية واستثمارها في البحث وفي مجالات أعمال جديدة.

8- فرض عمولة مستقلة لمراجعة قانوني Dodd-Frank  و Sarbanes-Oxley لتحديد ما إذا احتوت على أية أحكام تُصعِّب على رجال الأعمال تأسيس رؤوس الأموال أو بناء المشاريع. أيضا يجب أن نتأكد من منع الطيش وليس المجازفة.

9- استنساخ التجربة البريطانية: يجب الحد بشدة من مصروفات الحملات الانتخابية وتقليص مدتها إلى عدة أشهر. سيُصعِّب ذلك على أصحاب الملايين شراء المُرشحين.

10- زيادة الصرف على الجيش وضمان حرية المراقبة القانونية لكافة أجهزة المخابرات التي تحتاجها لمواجهة مخططات القرصنة الإرهابية لأنه لو تكررت حادثة 11 سبتمبر فسيتخلى المُصوِّتون مباشرة عن كل الحريات المدنية، وفي ظل التحول العالمي نحو مناطق "نظامorder " و"اضطرابdisorder " فسنحتاج إلى توجيه المزيد من القوة إلى حماية ما نحن عليه الآن والحرص على استقرار ما سيأتي.

وفي خلاصةٍ لما سبق فإن نموّنا البطيء ووجود عدم المساواة وتحديات الأمن القومي تتطلب حلولا راديكالية: تقوية الشبكات الأمنية، والحد من وجود العادات الصحية والبيئية الضارة التي تتسبب في إفلاسنا وتعويض ذلك بالتحفيز الشديد للمخاطرة، والابتكار، والاستثمار وأخيرا التوظيف.  

كل ذلك يستدعي وجود رئيس متطرف لا حزبي جاهزٍ للتوجه إلى أقصى اليمين وأقصى اليسار في نفس الوقت. هذه هي رؤيتي لعام 2020 وخلال 4 سنوات ستكون الدولة جاهزة لتلك الرؤية.

المصدر