عدنا والعود أحمد، عدنا لزملائنا بعد غياب، عدنا للمزاح معهم والأنس بهم.
وما نغص علينا بهجتنا بعودتنا الميمونة هو أننا افتقدنا ركناً من أركان المدرسة وعموداً من أعمدتها وهرماً شامخاً من أهرام التعليم في المحافظة. وما زاد الطين بلة ما قاله لي أحد الزملاء الأفاضل : كيف سيكون حالك هذه السنة بعد صديقك؟
صديقي هو فارس النحو الأول الذي ترجّل عن صهوة جواده بعد أن أمضى مايقارب ثلاثة عقود في التربية والتعليم.
تقاعد الأستاذ أحمد السابطي بعد أن تخرّج على يديه أجيال من الأطباء والمهندسين والمشرفين التربويين...، والمعلمين و منهم مدير المدرسة الحالي ووكيلها والمرشد الطلابي وجل الكادر التعليمي.
صحيح أني لم أحظى بشرف تدريسه لي حين كنت طالباً لوجودي في منطقة أخرى، ولكني حظيت بشرف زمالته ثمانية عشر عاماً، تعلمت منه فيها الكثير ليس فقط في اللغة العربية والنحو. فقد كان مثالاً يُحتذى به في الحزم والعزم والمثابرة والحرص على تأدية الرسالة بكل أمانة وإخلاص.
كنا ننتظره بشغف إذا اختلفنا في مسألة نحوية أو جملة إعرابية فيأتي ليبيّن لنا الصواب ويفصل بيننا، ويثرينا بعلمه الغزير، ويبحر بنا في فنون اللغة ودهاليز النحو.
السابطي لم يكن معلم اللغة العربية الأول فحسب، بل كان بمثابة الأب الروحي للجميع، فقد كنا نستمد منه الطاقة إذا نفدت طاقاتنا.
كان شعلة من النشاط طوال اليوم الدراسي وحتى آخر حصة له في التعليم، كنت أنظر إليه وهو الذي بدأ رحلته قبلي بأكثر من عشر سنوات فأخجل من نفسي وأنا الذي للتو بدأت.
تقاعد ومازالت فصول المدرسة وجدرانها وممراتها شاهدة له بالإخلاص والتفاني وستبقى ذكراه خالدة في قلوبنا.
قل ما تشاء بلهجة الشعراءِ
فالبعد مكتوبٌ على الرفقاءِ
والبينُ من سلفِ العصور كأنه
وحشٌ يهدد عيشة السعداءِ
يا صاحبي مهلًا فقد أبكيتني
ياليت شعري هل أفاد بكائي؟
سأظل أذكر في التنائي ودنا
ولسوف أظهر في اللقاء وفائي
إن طال بعدك أو تعسّر وصلنا
واسودّ وجه الدهر بعد صفاءِ
لا بد للأقدار أن ترسو بنا
يوماً على شطآنها البيضاءِ
د/ محسن القرني
إلى اللقاء يا صديقي🌹.
أخوك / أحمد القرني
🖊️أبونواف
الأثنين ١٥ / ١ / ١٤٤٣هـ