قبل عقد من الزمن, كان التيار الكهربائي يسري في كافة ربوع الدولة بصفة مستمرة, حيث العديد من محطات توليد الطاقة عبر خطوط الضغط العالي وابراج ضخمة لا تزال شاهدة على اهتمام الدولة بالقطاع, يغذي كافة مناشط الحياة اليومية ,المصانع والمشاريع الزراعية والمحال التجارية والخدمية اضافة الى الاستهلاك المنزلي.
مع مرور الوقت طفت الى السطح آزمة الكهرباء, وكانت حجج الحكام الجدد تقادم الشبكة وتعرضها للتقلبات الجوية, خصصت الحكومات المتتالية للقطاع المليارات لأجل النهوض بالقطاع وتقديم الخدمة للمواطن,تم جلب العديد من المصانع لإنتاج الطاقة الكهربائية لكنها لم تعمر طويلا بسبب رداءة التصنيع, لان السلطات الحاكمة تسعى بما اوتيت من قوة على ان يكون قطاع الكهرباء بقرة حلوب يلبي حاجياتها من الاموال والاثراء الفاحش في ظل عدم وجود رقابة ومحاسبة. في ظل غياب دولة القانون والمؤسسات التي تشدق "الثوار" بإقامتها, كثرت التعديات على الشبكة المتمثلة في الكوابل النحاسية وكذلك الابراج من قبل المخربين وتم تصديرها الى الخارج عبر قنوات حكومية(موانئ وحدود برية)بمعنى هناك تعاون بين من هم في السلطة والمخربين(حاميها حراميها).
مع كل تغيير حكومي كان يراودنا الامل في حل المشلكة،لكن ساعات طرح الاحمال كانت ولا تزال تزداد بوتيرة متسرعة, الوزير الاول الدبيبة قال امام لجنة المالية بمجلس النواب منذ حوالي الشهرين ان القطاع سيشهد تحسنا ملحوظا خلال الايام القادمة, المؤكد انه كان يدغدغ مشاعر الحاضرين وجمهور المشاهدين, لقد وصلت ساعات طرح الاحمال الى نسبة 50 % خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف وفي ظل جائحة كورونا التي هي ايضا ازدادت سرعة انتشارها بين السكان رغم الاموال الطائلة التي انفقت بسببها والحضر الجزئي على التنقل,اجبر المواطنين على المكوث في منازلهم, وعدم التمتع بالراحة(انهم يعاملوننا مثل السعي-الحيوانات, يطلقوننا في الصباح نتدبر امرنا وفي العشية-المساء يدخلوننا الزرائب-الحضائر ويطفئون الضوء ) انها مأساة متكررة .
لا حل للازمة في الافق,فالميزانية العامة لهذا العام التي لم يصدق عليها البرلمان لضخامتها, لم يوضح فيها السيد الدبيبة بنود الصرف ليترك لنفسه الحبل على الغارب للتصرف فيها كما يشاء, يقتطع جزءا منها ويضعها في اكياس مالية "صريرات" يوزعها على عمداء البلديات لشراء ذممهم وكسب ولاءاتهم.
ندرك جيدا ان ليبيا لا تزال تحت الفصل السابع أي الوصاية الدولية, فاختاروا لنا المجلس الرئاسي وحكومته الرشيدة, ووعدتنا الامم المتحدة بان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستكون نهاية العام, ولا يزال هناك جدل حول القاعدة الدستورية, وشكوك لدى المواطن في امكانية اجرائها في ظل تواجد القوات الاجنبية والمرتزقة والفصائل المحلية المسلحة الخارجة عن القانون.يسعى الاسلام السياسي (الاخوان والمقاتلة)الى عرقلة الانتخابات بكافة السبل وخاصة الانتخابات الرئاسية ويطالب بان ينتخب رئيس الدولة من قبل البرلمان حيث يمكنهم شراء الاصوات.
انهم يعزفون على اوتار الكهرباء, قطّعوها, سرقوها, أعادوا تصديرها, قبضوا الاثمان مضاعفة, لكنهم لم ولن يفلحوا في واد ارادة الشعب المتمثلة في الاطاحة بهم ومحاسبتهم.
الذين توالوا على حكم ليبيا عزفوا على كافة الاوتار,بدءا بإحداث فتنة بين مكونات المجتمع مرورا بالخدمات التي تهم المواطن ومنها السيولة والوقود وغلاء المعيشة وجلب المرتزقة لتثبيت كيانهم الذي حتما سيزول يوما ونتمنى ذلك قريبا ,لقد سئمنا وجودهم.