يَهلُّ علينا العيدُ كلّ عامٍ .. بفيضٍ من المظاهرِ التي تغزو تلافيفَ الشوارعِ والحارات ..
وتزحفُ على وجوه الناس .. لتطال الغنيَّ والفقير .. الصبيَّ والكبير ..
إنّهُ العيدُ .. حيثُ تنحسر غيابات الهمومِ عن نورٍ مؤقتٍ عابر ..
ويُفلِتُ من بؤسِ الزمن قليلٌ من الفرحة .. !
تنساب التهاني من أفواهِ الجميع ..
فمنهم من يفعلها بقلبِه .. ومنهم من يزيح عن صدرِهِ جبل الواجب ..
لكن ماذا نفعل إذا كان "الشَجَن" يقيمُ في أكواخَ قلوبِنا .. ؟!
فلا تكاد تخلو الفرحة من مزيجٍ فريدً منه ..
شكى المُتنبّي منذ قرابةِ ألفِ عامٍ عيدَهُ البائس بقوله " عيدٌ .. بأيِّ حالٍ عدت يا عيدُ؟ "
وكثيراً ما يستخدم الناسُ مطلعَ القصيدة كافتتاحةٍ مأتميةً موسمية –كما أفعل أنا الآن- على مشارِفِ العيد كل عام ..
فهل كانت تلكَ حالةُ أبو الطيّبِ الخاصة ؟
أم أن الشكوى والتذمر تبدوان كرفيقٍ دائمٍ للإنسان ؟
أم يا تُرى أصبحت نكهةُ العيدِ منتهية الصلاحية .. !
هل أصبحنا نَلْعقُ الترحَ تِلوَ الترحِ ؟!
أحاولُ جاهدةً أن أُصارع الكلمات لجعلِها مِطْواعةً لتفاؤلي لكنها تأبى ذلك ..
ولكن مهما تعاقبت الأعياد الموسمية .. تَظَلُّ للقلوب أعيادها الخاصة ..
إن الأعياد ليست مجرد تواريخ ثابتة نحفظها ظهراً عن قلب .. !
فالعيدُ في اللقاء بعد افتراق ..
والعيدُ في صلحٍ بعد شِقاق ..
والعيدُ في عناقٍ بعد اشتياق ..
وكما قال علي الطنطاوي –رحمه الله - :
العيد في حقيقته عيد القلب فإن لم تملأ القلوب المسرة ولم يُترعها الرضا ولم تعُمها الفرحة كان العيد مجرد رقم على التقويم.