السّاعة الآن الواحِدة صباحاً ..
لا أدري لماذا هي "صباحاً" رغم استِحواذ اللونِ الأسود على السّماء ..
إنه موعِد الحَنين ..
مَوعِد الذكريات المُتطايِرة في رُوحي هنا وهُناك ..
حيث يشتعِل الأمل أحياناً ويَخفت كثيراً ..
دقّت الساعة البَيولوجية لِأَلَمي ..
تَصْحو البقايا المشوشة في ذِهني .. ولكن يوماً مع يَوم تلتئِم الجِراح ..
كلُّ شيءٍ إلى زوال .. حتى الفَقْد .. الوَحشة .. والألمَ ..
لا يعلو الآن سِوى صوت الذكريات .. ولكن بالتأكيد سَيَخْبو ضوؤُها -شيئاً فشيئاً- كلما اقتربنا من النّهار .. فيطمِس نُورُهُ نورَها ..
لن يُحاوِل أحَدُهُم إيلامَك إذا لم تُعطِه الضوءَ الأخضر ..
أنت من تسمَح لهم بالإتيان بكرامتك أرضاً ..
ولكن لا عليك ..
فإنّ الألم يصنع ذلك النضج المحفور بِمَشاعرِنا ..
يُرَبّينا .. يزيد من استيعابنا للأمور ..
مزيجٌ فريدٌ من الذكريات عالقٌ بذهني الآن ..
يتعارك بعضُها مع بعضِها الآخر في السيطرة على عقلي ..
ربّاه .. كيف يجتمع الحَنَق والشوق .. الحب والكره .. في قلبٍ واحد ..!
المشكلةُ كلُّ المشكلة في التفاصيل .. الجزيئات الصغيرة الملتصقة بالذاكرة .. عندما تَعلق ببال امرئٍ عاشقٍ لها .. !
عندما تكون ذاكرتُك وفيّة دائماً نحوَ الكلمات والتعابير وردود الأفعال .. بل حتى صوت الأنفاس .. !
أنا الآن فريسةً سهلة للظنون .. يأكُلُني التخمين ..
أهرب إلى النظر في السماء .. إلى سَماع الأغنيات القديمة .. إلى التهام بعض الأطباق أحياناً .. !
ربما عَيْبي الكبير .. أنني أحضر باندفاع شديد لأسقُط بعد ذلك في الحضيض .. !
ولكن هيهات ..
هيهات أن يثنيني ذلك الألم العابر عن مُرادي ..
هيهات أن يَقتَنِصُ من إشراقتي .. أو يسحب من بريقِ أيامي ..
ففي كل مرة يُدرِكُني لُطف الله ..
يساعدُني على ذلك .. التفكّر في حكمته ..
فإن الله إذا كلّفَكَ كَفِلَك ..
ولا يكلّف الله نفساً إلى وُسعها ..