عند ذهابي لعملي صباحاً، وبعد ركوبي الحافلة التي تقلُّني إلى مكان العمل.. المسافة طويلة، كنت لا أركز فيها سابقاً عندما كان جهازي المحمول بخير! 

ولكن بعد أن انكسر اضطررت آسفة للرجوع إلى طبيعتي البشرية لأتأمل الطريق والطبيعة! الآن.. أجدني في حيرة.. هل أتأمل الأشجار؟ أم أتأمل أنواع السيارات؟ أم المباني؟ أم أتأمل حركات الناس وانفعالاتهم.. أم ماذا؟ وكأن طبيعتيّ البشرية وتلك التكنولوجية تتنازعان على احتلال رأسي؟! 

شرعت -أخيراً- في مراقبة المارّين هنا وهناك، لطالما كانت تلك هوايتي قبل أن أنشغل بالتكنولوجيا المقيتة! ألمحُ من بعيد رجلاً يتريّض، ترى! هل يفعل ذلك من أجل صحته اليومية أم ليفقد وزناً؟! وهناك عاملان يبدو على بشرتهما أثر شمس الظهيرة الحارقة.. يعبران الطريق بكل كدٍّ وتعب.. هل يا ترى يتحملان ذلك لأجل من؟ ولماذا ؟! وذلك الطالب يصعد إلى حافلته متوجهاً إلى المدرسة.. أُركّز النظر أكثر لعلّي ألمحُ قسمات وجهه، كيف هي ابتسامته؟! هل تنم عن طموح ومستقبلٍ واعد؟! أم يشعر بأنه يؤدي ذلك الفرض اليومي الممل ؟! 

لسان حالي يقول: وما شأنُكِ أنتِ؟ لا أدري.. ولكنّي آمل أن يرزقني الله وإياهم الرضا بالحال والسلام النفسي وتقبّل الواقع.. وأسأل الله أن لا يجعل حياتنا أكثر بؤساً. 

نغمة جهاز إحدى الزميلات ترن وتتعالى موقظةً إياي من حالة تأملي الصافية، صوتٌ في نفسي يقول "ما أتعس أولئك الذين لم تُتِح لهم الفرصة وأطلقوا لأعينهم العنان في تأملاتها!" 

حسناً.. يبدو أنني قد وصلت إلى مكان العمل، أحاولُ جاهدةً أن أستجمع قواي وأن أملأَ نفسي بالأمل.. علّي أُغيّر شيئاً في هذا اليوم ولوبسيطاً.. مَن يدري؟