عشية الإستقلال قال سعد دحلب رحمه الله جملته الشهيرة " اليوم رانا دينا الإستقلال بصح ماتقولوش رانا دولة باش نكونوا دولة يليقلنا 100 سنة بعد الإستقلال باش نكونوا دولة بأتم معنى الكلمة " و الكثير يرددها في وقتنا الحالي فالمعنى الذي يتبادر إلى ذهني هو إمكانية تبرير كل هذا التخلف و الفساد والجهل بأننا مازلنا لم نقطع خط 100 سنة بعد الإستقلال إلى ذلك لحين نحن معذورون مع العلم أن هناك دولا عديدة لم تحتاج إلى أكثر من بضعة عقود لتبني نفسها بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية مثلا و المجاهد سعد دحلب رحمه الله على الأرجح لم يقصد مئة سنة كمدة حرفية أصلا ، تخيل عزيزي القارئ كمية النهب التي يمكن تحقيقها خلال المئة سنة !!! إذن لسنا في إطار بناء دولة ، وهذا ما يسمى التفكير في الذات أكثر من اللازم مع الغفلة عما يحيط بالمرء و تضييع الوقت.

 إن المشاركة في بناء الوطن مسؤولية الجميع كما أن الباب مفتوح على مصراعيه وهذا الباب ليس ملكا لأحد حتى يفتحه متى شاء !! و الطريقة التي يشارك بها الجامعي في بناء وطنه بديهية يدرس ، يتخرج ، يبحث عن عمل ، يتوظف في تخصصه ثم يقدم خدمات للمجتمع وتتحقق هذه الطريقة بتوفير تعليم جامعي أفضل ووظائف عند التخرج ولا نحتاج إلى طرق ملتوية أخرى، إذا كان لدينا مصير مشترك فيجب أن يكون لدينا عمل مشترك نقوم به  خاصة في هذه الفترة التي تمر بها البلاد فلا بد من تسطير هدف واحد بمبدأ واحد ونركز على الجزائر ونتجاوز كل التفاصيل الصغيرة التي من شأنها أن تعيق مسار بناء الدولة الجديدة التي يحلم بها الطالب الجزائري.

عبر في عديد المرات من طرف مسؤولين كبار في الدولة وعلى رأسهم بعض وزراء القطاع عن رفضهم الشديد تسييس الجامعة ولابد من فصل التنظيمات الطلابية والجمعيات عن أي أداء أو دور يلعبونه في السياسة خاصة والعلاقة بينهم وبين الأحزاب ،و لا أن لا ننسى فضل الجامعة و إنجازاتها التي من الصعب على المتمردين أمثالنا أن نرى هذه الإنجازات ، فقط أؤلاءك من تحصلوا على تعليم عالي في الجامعة الجزائرية ولهم ولاء معين من يستطيعون، حقيقة أدركها بعض الشياتين و الأحزاب السياسية التي سارعت إلى تجنيد   الطلبة الجامعيين للتسويق و الترويج لإنجازات خيالية فارغة من أي معنى وكأن هذه الإنجازات منتوج ، التحضير لأي عرس إنتخابي لابد منه إشراك هذه الشريحة الواسعة من المجتمع بل وتجنيدها لذلك ونذكر على سبيل المثال تنسيقية جيل بوتفليقة وهي عبارة عن تنسيقية تضم 6 تنظيمات طلابية من أصل 9 ( عام 2018 ) ناشطة في الجامعات الجزائرية شكلت تحت رعاية حزب معين لتذكرنا بإنجازات الرئيس وتحضر لمستقبل البلاد تحت شعار " السلم والأمن والإستقرار والإزدهار " ، وهذه المبادرة كانت تمثل سرطان لأنها تهدف لصنع المزيد من المطبلين إن صح التعبير و تنشئة جيل يفكر بعقلية " تمشى مع الحيط " و " نتا ماتعرفش خير من الزعيم " ... إلخ وفي رأيي من يفكر مثلهم ويمشي بعقليتهم فهؤلاء إما أشخاص أغبياء جهلاء أو إنتهازيين يبحثون عن فرصة العمر أو في مكان ما بين التصنيفين وتجدهم جاهلون بأمور السياسة والإقتصاد وعندهم حساسية وعاطفة زائدة كما أن لديهم ميول إلى الليبرالية المتطرفة وشعور مزيف بالتميز والأحقية.

في رأيكم ماذا يمكن أن نقول عن جيل يفضل بعض أفراده أن يساندوا كيانا فاسدا بدل الوقوف ضده ؟؟

كما أن دور التنظيمات الطلابية محصور حاليا في المشاكل البيداغوجية و الإجتماعية من نقل وخدمات ومنح و إقامات ... إلخ و هي أولويات لا يجب أن يحيد عنها التنظيم وإن أصعب ما قد يواجه التنظيم الطلابي الذي يدافع حقيقة عن الطالب ومشاكله المادية والمعنوية هو قطاع الخدمات الجامعية ، تحدثت ذات مرة مع مسؤول في هذا القطاع وتناقشته معه حول بعض المشاكل ليجيبني بأن الخدمات مجانية ولا يجب إنتقادها يا له من منطق مذهل !!! هل يفترض بهذا أن يبهرني !!! أولا ليس غريبا على دولة بحجم الجزائر أن تصرف على التعليم ، ثانيا مجانية التعليم لاتهم بقدر جودته وكفاءة من يسيره وأعتقد أن أغلب الجامعات الجزائرية مثيرة للشفقة فهي تتذيل المراتب العالمية ضمن تصنيف الجامعات  وعليه يجب معالجة هذا الأمر بدل النظر إليه ليس كفرصة وأمر إيجابي للإستثمار ، قد يوافقني البعض كما أن هذا الطرح لن يعجب الكثير ولكن أسوء شيء هو الشعور بأننا أهل التغيير ولا نغير من واقعنا المرير شيئا ، فقطاع الخدمات الجامعية يعتبر بالوعة الفساد في البلاد كما أن جل مسؤوليه فاسدين ولهم عدة قضايا فساد.

الطالب الجامعي الذي خرج في الحراك يأمل بغد أفضل حقيقة يستحق غدا أفضل.

تنسيقية جيل بوتفليقة مثلا لا تحتاج إلى أحد لكي يشرح غباءها وسخافتها لكنني أردت أن أستغل الفرصة لتسليط الضوء على موضوع أكبر من التنسيقية ، تلاحظون كيف يريدون إستقطابنا تارة بتوظيف مصطلحاتنا وتارة بالدخول إلى جامعاتنا وتارة أخرى بالخول إلى ملاعبنا !! هم يدركون وزننا وأننا لا نضع لهم وزنا ولا نثق بهم ومحاولتهم البائسة لإستقطابنا تفضح يأسهم هذه المرة هدفهم هو الجامعة، صدعونا بضرورة إبقاءها بعيدة عن السياسة لكن من الواضح لايريدون تسييسها إلا إذا تسيست هي إلى صفهم وهناك أسباب وراء وضعية الجامعة الجزائرية المزرية ومنها أنهم لايريدون جيلا واعيا فعلا وأن بعض المنظمات الطلابية فقدت بوصلتها بسبب عناصر فاسدة، جزء من كون الطالب شابا أن تكون في صدره شعلة التمرد يجب أن لا نعارض تلك الفطرة ونبيع مواقفنا في هذا العمر.