إن من اسوء التجارب التي من الممكن ان يمر بها أحد طوال حياته هي تجربة الجاثوم و التي انا لي تاريخ حافل معها.

لم يزورني هذا الضيف مرة او اثنين بل عشرات المرات و لا زال يفعل، لا يمكنني ان امنعه من زيارتي و لا يمكنني ان اطلب منه ذلك، لا يستأذن قبل المجيء و لا يأتي في وقت معين فهو يأتي وقت ما يريد، يحب عنصر المفاجأة، يأتي في الوقت الذي غالبا لا يوجد فيه أحد معي في المنزل و كأنه يريد ان يختلي بي.

أصبحت اخاف من النوم خشية لقائه، اصبحت اعاني من هذه الحالة المتكررة.

من مر بتجربة الجاثوم يعرف هذه المعاناة و يفهم كلامي جيدا، و لمن لم يمر به، فتخيل عزيزي القارئ ان تبدأ في النوم و بعد ان تنعس بفترة بسيطة تستيقظ و لكنه ليس مجرد استيقاظ عادي، فما استيقظ هو عقلك فقط بينما باقي جسدك مشلول تماما لا تستطيع ان تحرك منه ساكنا سوى عينيك فقط، تحاول الحركة جاهدا بلا فائدة، حتى لسانك مربوط أيضا لا تستطيع الكلام به فأنت محبوس داخل جسدك بمعنى الكلمة، تجربة مرعبة جدا لمن يخوضها أول مرة و يجد نفسه في هذه الحالة البائسة، لكن يا ليت الأمر يتوقف هنا، فما خفي كان اعظم، فبينما انت مشلول تحاول الحراك ستبدأ في سماع أصوات من حولك لا تعرف مصدرها، مرعبة إلى أبعد حد، للأسف ربما تبدأ أيضا بمشاهدة أشياء و كيانات مرعبة، ترى اشباحا و كائنات غريبة تتجول في أنحاء غرفتك و كأنها أتت من فيلم رعب، ربما تمر ايضا بمرحلة ضيق التنفس، فتأخذ نفسك بصعوبة بالغة و كأنك تختنق، تخيل عزيزي القاريء المعاناة التي أمر بها أنا و أمثالي ممن خاضوا هذه التجربة، ان يحدث معك كل هذا و أنت مشلول لا تستطيع تحريك نفسك، مجبور على عيش تلك اللحظات المرعبة، ترى و تسمع هذه الأشياء، و أنت ساكن ما بيدك حيلة و لكنك داخليا منهار من الرعب، تريد الصراخ تنادي على أحد لينقذك مما أنت فيه و لكن يخذلك لسانك ايضا، كل ما تستطيع فعله هو الإنتظار حتى انتهاء هذا الكابوس، ليس من الضروري أن يفاجئك الجاثوم عند بداية نومك فقط لكن ايضا عند الاستيقاظ، فقد يوقظك بعد منتصف الليل لتجد نفسك في هذه الحالة و حينها سيكون الجاثوم قد اختار وقتا قاتلا حقا.

لحسن الحظ تستغرق هذه التجربة من ثواني لدقائق معدودة، نعم دقائق و لكنها كفيلة بأن تجعلك تعيش أرعب و أسوء لحظات حياتك.

إن لم تكن خضت هذه التجربة فاحمد الله فأنت في نعمة كبيرة.

أما بالنسبة لشخصي فسأحكي لك عزيزي القاريء بعض تجاربي الخاصة مع هذا الضيف الغير مرحب به، الذي يزورني منذ خمس سنوات مضت، ربما يزورني ثلاث مرات اسبوعيا او مرة في الشهر، ليس له مواعيد، يأتي لي بأعراض مختلفة في كل مرة يزورني فيها و هذا ما يجعل الأمر مزعجا.

كمعظم الأشخاص ممن خاضوا هذه التجربة فأنا أصاب بالفزع و الرعب غالبا في باديء الأمر. 

إليك ما أمر به.. عندما يفاجئني الجاثوم و أجد نفسي في هذه الحالة مرعوب و بائس، احرك عيني سريعا بجنون في جميع أنحاء الغرفة، أشعر دائما ان هناك شيئا ما او شخص ما موجود خلفي يراقبني، يريد ان يلمسني و يؤذيني، اشعر به لكن لا اراه، كل ثانية تمر و أنا مقيد هكذا أشعر بإقترابه أكثر و يذداد رعبي اكثر، اشعر برياح تلفح ظهري، من المفترض اني تعودت على هذا، لكن الذي يقلقني كل مرة اني أشعر بحركته و اقترابه و لمسه لي، فأنا أكره هذا الشعور، فلو كان ساكنا لكنت تغاضيت عن الامر، احاول التحرك جاهدا لأنظر خلفي و اعرف ما هو و ماذا يريد، أحاول تحريك أصابعي او قدمي، احاول الكلام بتحريك لساني قدر الإمكان لكن يخرج انينا خفيفا فقط، احرك عيني كثيرا لينتهي و لكنه ينتهي وقتما يريد.

معظم تجاربي مع الجاثوم كانت هكذا و لكني أذكر في مرة من المرات أني سمعت الأصوات، و كل شخص له تجربته الخاصة مع الاصوات، ما سمعته أنا كان مثل صوت رياح شديدة ذات سرعة عالية مع برق و رعد لكن بصوت أعلى و أشد و كأني وسط عاصفة رعدية.

او تلك المرة عندما شعرت بأن أحدا ما ثقيلا يجلس على صدري و يمنعني من التنفس، ثقيلا لدرجة تمنع الهواء من المرور إلى الرئتين، كنت أتنفس بصعوبة بالغة، شعرت باﻹختناق، كانت تلك اسوء تجاربي لأني شعرت بأن روحي تخرج مني.

عندما استيقظ و اتحرر اخيرا من قيدي التفت حولي، أنظر في كل جوانب الغرفة للتأكد من ان لا أحد غيري موجود، استيقظ و لا أعود للنوم مرة أخرى.

آخر مرة زارني فيها كانت منذ شهور لا أتذكر بالتحديد،

 الى الآن لا أعرف هل سيزورني مجددا ام لا ...لا اعلم ماذا ينتظرني..

#Karim_Essam