وصفَه المؤرخُ " الزركلي " بـ : جبّار آل سعود !

إنّه سيف آل سعود المسلول : عبدالله بن جلوي بن تركي بن عبدالله ابن الإمام محمد بن سعود .

رئيس وعين آل جلوي الذين هم أحد فروع آل سعود .

هذا الفرع الذي تميّز بأمور ثلاث : التدين حدّ الإمساك ، والشجاعة حدّ الموت ، والشدّة حدّ البطش !

ولذا ؛ فيُعدُ هذا الفرع بأنهُ الذراع العسكري الطويل الذي اعتمد عليه المؤسس ( عبدالعزيز بن عبدالرحمن ) في تأسيس الدولة ، واستئصال خصومها .

ينتسبون إلى " جلوي " الذي هو شقيق للإمام فيصل بن تركي ( جد الملك عبدالعزيز ) – رحمهم الله أجمعين - .

وقد سُمي جلوي بهذا الاسم نسبةً إلى " الجلاء " عن الوطن الذي ابتليت به الأسرة السعودية في دولتها الأولى بعد غارة المصريين عليها !

يحرصُ العرب على خؤولة الابن ؛ لتجيء لهم السلائل بعد ذلك على أفضل حال " اختاروا لنُطفكم فإن العرق دسّاس " وهذا ما قد فعله جلوي بن تركي !

سمِعَ جلوي عن فتاة في القصيم ( مزنة المطرودي ) استطاعت أن تردّ حنشلاً ( اللصوص ) عن أموال أهلها ومواشيهم أثناء غيابهم ؛ إذْ لبست ملابس إخوتها الرجال ، وركبت فرساً لهم بعد أن تلثمت عن غيرهم ، وانهالت إلى اللصوص تُهينهم بأسرهم ، حتى عاد أهلها في المساء ؛ ليذيع صيتها بعد ذلك في الأرجاء ... الأمر الذي جعل الأمير " جلوي " يخطبها ؛ ثم لما ماتت أصرّ الأمير جلوي أن يكون في ذريته شيء من جينتهم ؛ فتزوج أختها ( ميثاء ) ، ولما ماتت دون ذرية منه ، قام فتزوج آخرهن وأصغرهن ( رقية ) ليخرج المهيب " عبدالله " من أحشائها !

وقد جاء " عبدالله " أسنّ في العمر من ابن عمه " عبدالعزيز " وأطوع له من نفسه لنفسه !

فقد جاء عنه قوله لابن عمه الملك عبدالعزيز : " من تطأ رأسه أنت ؛ أطأ قدميه أنا " !

وكان أول اختبار لمقولته هذه عند أول معارك توحيد البلاد ( استعادة الرياض ) إذْ إنّه أجهز على عامل ابن رشيد " عجلان " في معركة خاطفةٍ ارتكزَ عليها التاريخ بعد ذلك !

وقد سردَ الملك عبدالعزيز قصة استعادة الرياض بنفسه ؛ فكان مما قاله عن ابن جلوي : " ومشينا ونحن سبعة رجال أنا وعبدالعزيز بن جلوي وفهد وعبدالله بن جلوي.." . وعن قصة دخول قصر " المصمك " يقول الملك عبدالعزيز : " .. ثم دخل عبد الله بن جلوي والنار تنصب عليه.. " .

ولاّه الملك عبدالعزيز " القصيم " ولمّا سمع عن خروج الملك عبدالعزيز إلى الأحساء لاستعادتها من " الترك " خرج من فوره ؛ ليخوض المعركة بين يديّ ابن عمه في إخلاصٍ ينقطع النظير لمثله ؛ ولا يُستغربُ من بعده أن يصف " الزركلي " علاقة ابن جلوي بالملك عبدالعزيز بالآتي : " رفيقه الأول ، وعضده الأيمن ، وأخاه الروحي " !

ولما عادت الأحساء إلى العرب ممثلةً بآل سعود الكرام ؛ تولى " ابن جلوي " تصريف أمورها ؛ فكانت له قصص مع العابثين بالأمن جعلت منه " أسطورة " ترويها الأجيال ، يكفيك منها هذا النص الذي قاله مؤلف كتاب " ملوك العرب " عن ابن جلوي : " يجلس في كرسي القضاء وحده ، فلا تجلس معه الرحمة ولا المحاباة . يُرعب اسمه الناس ويُروع المجرمين ، وتخوّف الأمهات به أطفالها " !

ويكفيك أيضاً من عدم محاباته أنِ اشتكى له رجل من غلام ضربه لا يعرفه ؛ فأمر " ابن جلوي " بأن يُجمع أولادُ الحي الذي قد ضُرب فيه هذا الرجل ؛ فتمّ جمعهم وفيهم ابن الأمير عبدالله بن جلوي ، ثم طُلب من الرجل التعرف إلى ضاربه ؛ فأشار إلى ابن الأمير وهو حينها لا يعرفه !

همس له أحد الحضور في أذنه : إنّه ابن الأمير ! وسأل الأمير ابنه فأقر بفعله ؛ فطلب على الفور من العبيد أن يبسطوه أمامه ، وأن يُعطى الشاكي عسيباً ليجلد ابن الأمير بنفسه ، فتردد حينها العبيد ، وأحجمَ الرجل ؛ فأخذ ابن جلوي العسيب وأهوى على ابنه بالضرب وهو يقول : يجب أن نُصلح أنفسنا قبل أن نُصلح الناس !

قيل عنه أنه لا ينظر في وجه مُحدثه ؛ إذْ هو قد تعود من الناس الارتباك حال رفع بصره إليهم .

غنيٌ عن القول أنّ " الرافضة " في عهد ابن جلوي كانوا لا يرتفع لهم بصر ، ولا يطول لهم لسان !

ومما يجدر ذكره أنّ شقيقه مساعد هو جد الملك خالد وشقيقه الأكبر محمد بن عبدالعزيز ، وأنّ الأمير " عبدالعزيز بن مساعد " والي حائل لخمسين سنة ، والذراع العسكري الثاني للملك عبدالعزيز ، هو ابن أخ الأمير عبدالله بن جلوي ، وجد أبناء الملك فهد والأمير سلطان والأمير نايف .

رحم الله عبدالله بن جلوي ؛ فقد ثبّت أمناً ، وشاركَ مجداً ، وأقامَ هيبة .

آيــدن .