عرفناهم في كتب التاريخ بصلاح الدين و حتى أننا لم نعرفْ صلاحًا جيداً و حاقدُ شكَّكَ بكوردية صلاح الدين و من الطوائف من صنفهم من الجن، لطالما طالبوا بحريتهم و باستقلالهم ليس لأننا محتلين بل أرادوا حقهم في اختيار ولي أمرهم و هو حق مشروع في الإسلام، و لكن الكلام ليس عن صلاح و لا حقهم السياسي بل حق الشعب أن يكون ضمن فسيسفاء المجتمع المسلم و حقه في أن يرى احترام إخوته له و حقه في الحياة.

كوردستان الجنوبية تقع في شمال جمهورية العراق و فيها مدن رئيسية كالسليمانية (سليماني) و مدينة أربيل (هولير) و مدينة دهوك و فيها بلدات تقع ضمن محافظة الموصل و محافظة ديالى و محافظة التأميم و يشكلون نسبة كبيرة في التركيبة السكانية لكركوك، و يبلغ تعداد الشعب الكوردي في الجنوب ما يقرب ال5 ملايين. ظلم هذا الشعب كثيراً من سلب حقوقه في العقود الماضية و حتى التغافل عنه إعلامياً أو تسليط الرأي العام عليه بوصفه عميل للكيان الصهيوني و غيرها من الصفات، و مازال هذا المسلسل مستمر و العرب في غفلتهم نائمون. كلمة الحق تقال، خالطت هذا الشعب لخمس سنين و أنا آتٍ من بيئات عدة و عايشتُ شعوباً عدة، تمثلت بعض التعاليم الجوهرية في الإسلام في هذا الشعب كالصدق و الأمانة و التضحية و الإنسان الكوردي شخص إذا عهد لك عهداً يؤديه و يوفيه و إن وثق بك لا يشك بك مثقال ذرة، طيب القلب يُعز الإحترام. ينطق الكوردية و هي لغة سلسة التلفظ صوتيتها قريبة للعربية و فيها عدة لهجات كالسورانية و هي لغة أهل السليمانية و كرميان و حلبجة و أربيل و الكورمانجية (البادينية) و هي لغة أهل دهوك و كورد نينوى.

كان على العرب أن يشدوا عضدهم بهذا الأخ القوي الصبور، تجاوز النعرات و التعصبات ليس سهلاً فالقادم من الشيطان أمرٌ مستعصي و النتن لا يذهب بسهولة.

لا تزال عند العرب بعض التعنصرية التي لا يُعلَمُ مصدرها و هي ما تستفز الكوردي و توحي له رسالة بعدم الإحترام فكل ما يطلبه الكوردي إحترامٌ متبادل و قيادته لنفسه و تصرفه بأمره، على العرب أن يخطون خطوات مهمة نحو الانفتاح على الشعب الكوردي و الاحتكاك فيه و كسب النتائج الإيجابية من علاقته به، و على المسلمين من العرب أن يخمدوا الأصوات النُكُر من الذين يحملون نعرات عصبية و عنصرية و التي بلا سبب. يقول الأستاذ Adil Davutoglu :

(خلال جولاتي في المناطق الكوردية، التقيت بعشرات الصحفيين من أوروبا و أمريكا و روسيا و الصين و اليابان، يتقنون اللغة الكوردية إتقانا بارعا أذهلتني، و كلهم من فئة الشباب بين 20-30 سنة !.

لا شك أنه من ورائهم مراكز أبحاث و دراسات ممولة من جهات ترسم إستراتيجيات بعيدة المدى و تجمع المعلومات بلغة سكان المنطقة دون الحاجة لمترجمين وسطاء !.

لم أر خلال جولاتي تلك أي صحفي من أصل عربي أو تركي يتقن اللغة الكوردية إلا واحدا فقط لا غير من أصل مصري يعمل لصالح شبكة إعلام غربية مرموقة !.

بوسائل متعددة دعوت فئات مخصصة من الناس من العرب و الترك إلى تعلم اللغة الكوردية، تلقيت منهم السخرية و الاستهزاء بل وصفوا اللغة الكوردية بأنها لغة "همج" لا تستحق الإهتمام و الاعتناء و هم يفخرون بالإنكليزية لغة "مصاصي الدماء" الذين أفنوا الهنود الحمر و الأفارقة و أبادوا ملايين البشر و لا زالو يبيدون في كل أصقاع العالم !.

أيها العرب و الترك : لا رفعة لكم إلا بضم الكورد إلى أحضانكم، فأنتم منهم و هم منكم و مصيركم واحد شئتم أم أبيتم !.

لا تظلموا 40 مليون إنسان من أجل حزب هنا أو هناك، فالعدو واحد لا يفرق بينكم).

عزيزي القارئ هنا لن أحدثك عن الصراعات السياسية النتنة بل سأسرد لك عن هذا الشعب و سأفتح عقلك عليه عسى أن نتخلص جميعاً من معضلة العنصرية التي نمتلهكا. الشعب الكوردي شعب عاطفي بعامته و هو شعب شعر بالإظطهاد و تقزيم دوره في الساحة و التعدي على أراضيه فهو بحاجة لإعادة نفي ذلك، واجب المسلم العربي اليوم إزالة هذه المشاعر السيئة التي كسبها من الإعلام و الشوائع و إعادة مد يد المحبة للكوردي و مد جسور التعاون معه. يحب الله عز و جل أن يرى شعوبه التي تعبده متآلفة متوادة متحابة تحترم بعضها توقر بعضها كالأب مع أبنائه فكيف بالإله و عبّاده ؟ قوتنا بوحدتنا و صفاء القلوب فالشعب الكوردي أهل لذلك صاحب أصالة و عراقة، ينتظر منك أيها العربي مد يدك، مد يدك و لن تندم، لم ندرك أهل الشرق في القرن الأخير معنى الإختلاف في ضمن الوحدة الواحدة و ما أطيب التنوع في سلة الفاكهة الواحدة، يا زينُ تلك العلاقة التي تربط العربي بالكوردي محبة أصلية من القلب و تثبيتاً لقوله تعالى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا.