د. علي بانافع
انقطعت عن الكتابة لفترة وما جعلني أعود للكتابة مجددًا هو تواصل أحد طُلابي القُدامى -قبل قليل- عبر الواتس آب، وهو الآن مُبتعث في الخارج ويُقيم في إحدى الدول الأوروبية المهمة منذ فترة ليست بالقصيرة، وجُل حديثه بعد التهنئة بعيد الأضحى المبارك من بدايته وحتى نهايته، كان يدور حول الفردانية والأنانية والعلمانية الغربية البشعة، حديثه كله انصب على الغرب الذي ينشر إعلانات لبيع قطع أراضٍ مخصصة لدفنك بـ 5000 آلاف دولار وإلا فإنك لن تُدفن بتاتًا وعليك بالحجز والشراء مسبقًا، بمعنى أن جثمانك المسجى سيظل مجمدًا داخل ثلاجة الموتى لعدة أسابيع لحين حرقه في حال لم يظهر من يتبنى عملية دفنك كباقي البشر، تحدث عن المسنين أكثر من 70 % منهم يموتون في دور المسنين لأن لا أم ولا أب ولا ابن ولا حفيد ولا صديق ولا رفيق يسأل عن اي منهم ولا حتى في المناسبات والاعياد !!
حدثني عن الخواء الروحي الشامل والكامل، عن الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية الخاوية على عروشها والتي لم يعد أحد يدخلها للصلاة أو للزواج أو للتعميد أو للصلاة على الاموات، ولا حتى لحضور القداس أو الاعتراف في أيام الآحاد، الكثير منها يُباع ليتحول إلى مولات أو نواد رياضية أو أي مشروع دنيوي آخر، إلى درجة أن من يعمل فيها وحين يلمحونه وهو يصور أحدها بصفته سائح أو إعلامي أو مصور، فإنهم يشعرون بالغبطة السرور ولسان حالهم يقول له: "بس تفضل أدخل أهلًا وسهلًا !!".
حدثني عن علم الرينبو المعلق في كل مكان حتى على ابواب واسطح الوزارات والقنصليات والسفارات والمؤسسات، عن شراء الاثرياء لقطع في كوكب المريخ أو في باطن الأرض تمهيدًا للهروب الكبير في حال انهيار الأرض وتلوثها كليًا، حدثني عن مجاميع بشرية لا تؤمن لا بوجود إله ولا بآخرة ولا بحياة بعد الموت، يأكلون ويشربون ويتناسلون بالحرام ويتسافدون كالبهائم ومن ثم يكبرون ويموتون وكأنهم مجرد مخلوقات وبهائم وجُدوا على سطح هذا الكوكب بلا سبب ولا هدف ولا غاية البتة !!
حدثني عن عمال وموظفين يعملون على مدار الساعة لخمسة أيام في الاسبوع، ليقضوا بعد ذلك سبتهم وأحدهم في البارات والملاهي أو في صالات القمار وهم يُعاقرون الخمر بشراهة إلى حد السُّكر الشديد والتقيؤ، ومن ثم العودة إلى العمل في صبيحة اليوم التالي ورأس أحدهم يكاد ينفجر من صداع مشروب اليوم السابق !!
حدثني عن علاقات العشق الممنوع والجنس المحرم، عن الحمل والانجاب خارج إطار الزوجية وظاهرة الأمهات العازبات، عن أولاد وبنات يعيشون ويكبرون وهم لا يعرفون أسماء ولا صور ولا عناوين آبائهم، عن الاجهاض بعشرات الألوف، عن تحويل الجنس إلى الثالث والرابع، عن تخنث الرجال وتميعهم مقابل استرجال النساء وتوحشهن، عن الخيانات الزوجية، عن عقوق الآباء والأمهات، عن قطيعة الأرحام، عن صداقات عابرة مبنية على المصالح والماديات فقط لا غير، عن حركات فكرية وباطنية وشيطانية تفعل فعلها في تسميم أفكارهم وقسوة قلوبهم وأمراض نفوسهم وانحراف أبدانهم، عن وحدة قاتلة يعيشها الجميع في مجتمع غارق في الرأسمالية والمادية والأنانية البشعة، عن العنصرية المتنامية والمتصاعدة باطراد حيث احتقار السُود والحُمر والصُفر والسُمر والمطالبة بطردهم والتنكيل بهم والتنمر عليهم والتحذير منهم !!
حدثني عن أُمنيته سماع الأذان بصوت مؤذن الحي، ومن ثم الصلاة في المسجد القريب ليشعر بالراحة والطمأنينة والإنسانية التي افتقدها ها هناك ومنذ أمد ليس بالقصير …
احمدوا الله على نعمة الإسلام !!