يشير جم تيلر في موضوعه بعنوان" كيف تؤثر التقنية في تغيير الطريقة التي يفكر ويركز بها الاطفال, 2012" الى  ان ثورة المعلومات الرقمية قد تجاوزت البالغين, لكنها  لم تتجاوز الاطفال في سن ما قبل المدرسة, ويرى ان كثير من الاطفال يتعلمون تحريك "الماوس" للممارسة الالعاب وللسماع للموسيقى وحتى للكتابة. ويضيف, ان بعض خبراء التعليم امثال باكليتنر  رئيس تحرير تكنولوجي ريفيو للطفولة,  يشير الى ان ما نشاهده الان ليس الا عملية احماء لنشر التكنلوجيا التي ستواجه الاطفال في المدارس غدا. ويرى ان شاشات الحاسوبات سوف تعلق في اسقف فصول رياض الاطفال بدل من نسخ الدسكتوب, وان منصات الرقص واللعب بالنظر ستمكن الاطفال من معالجة  صور الكمبيوتر. وسوف تنقلهم  الكاميرات إلى أماكن  لم يكن بمقدورهم الوصول اليها سابقا..

وعن الاثار المترتبة, يقول ان القلق حول تاثير التقنية على الصغار كان قضية مقلقة منذ ظهور التقنية بنفسها, فقبل عهد الحاسوبات, كانت الافلام والراديو والتلفاز تثير الجدل الحاد حول احتمالية تأثيراتها على الاطفال. وقال الكثير من الخبراء ان التلفزيون سوف يخفض مستوى التحصيل الاكاديمي وكذلك سوف يقلل قدرة الانتباه. مثل هذه التنبؤات المتشائمة لم توجد لها ما يثبتها  في الابحاث والدراسات المتعلقة بها...

 ألين وارتيلا, وهي عالمة رائدة وباحثة في وسائل الإعلام وتنمية الأطفال, تشير الى ان المفتاح لما  إذا كان ممارسة هذه التقنيات  له تأثير إيجابي أو سلبي قد يحدده المحتوى الذي تحمله هذه التقنية. وكان كتابها الجديد, الاطفال والتلفزيون 50 سنة من الابحاث, الذي  لخصت وجمعت فيه  مجموعة كبيرة من نتائج الابحاث في هذا المجال, ويحتوي عل معلومات  قيمة ووفيرة لكلا جانبي الجدل. وفيه تشير الى ان البحوث "متناسقة بقوة" مع النتائج التي تفيد بان الاطفال يتعلمون العنف من الاعلام, ونتيجة لذلك فانهم يكتسبون ميولا واستعدادا سلوكيا معاديا للمجتمع. وفي الوقت نفسه, فان الابحاث كذلك توضح ان التلفزيون يمكن استخدامه  لتدريس العلوم التي تدعم العلاقات الاجتماعية والمهارات المعرفية, فلتلاميذ تعلموا من الالعاب, مثل, (سمسم وبق بيرد وغيرها) التهجئة وكتابة الحروف والارقام, وطورت لديهم مهارات لغوية قوية وتعلموا اساسيات الرياضيات.

ورغم ذلك, فان هناك ابحاث متنامية تشير  الى ان التقنية ربما تكون مفيدة وضارة على مستوى طريقة تفكير الاطفال, وان التأثير ليس فقط  ما يتعلق  بتفكيرهم السطحي, فادمغتهم لاتزال في طور النمو ومرنة جدا للتعلم, فالتعرض المتكرر للتقنية من قبل ما يصطلح عليه بـ" الجيل الرقمي"  مثل هذا التعاطي اليومي هو في الحقيقة يقوم بربط وتشكيل الدماغ بطرق مختلفة جدا عن الاجيال السابقة. و كما التقدم  والتطور عبر التاريخ البشري, فان التقنية المتوفرة الان سوف تقرر وتحدد كيفية تطور ونمو ادمغة الاطفال. الكاتب المتخصص في التكنلوجيا  نيكلوس كار يوضح "ان ظهور وانتشار القراءة  ساعدت ادمغتنا على التركيز والقدرة على التخيل, وبالمثل, فان انتشار الانترنت قد عززت قدرتنا على تصفح المعلومات بسرعة  وكفاءة عاليتين.

التعليم والتوظيف عن بعد في المستقبل المنظور

نحن في بيئاتنا العربية نادرا ما نتحدث عن تحديث تعليمنا بما يناسب المستجدات والاتجاهات التعليمية العالمية, في هذا السياق وبعنوان "التعلم الجماعي المستقبلي: أسئلة للتأمل " كتب دي ديكنسون, ان العالم اليوم يتساءل كيف يمكن تحويل انظمة التعليم  الى انظمة تعليم حقيقية تناسب وقتنا الراهن, طالما ان التعلم يستمر  مدى الحياة وانه  ضروري للبقاء والعيش الكريم.؟ كيف يستطيع الناس بمختلف اعمارهم ان يتعلموا كيف يتعلموا, وكيف يستطيعوا تطوير مهارات تمكنهم من التعامل مع تعقيدات الحياة وتحدياتها الطارئة والتي لم تكن موجودة من قبل.؟ وكيف تستطيع المدارس التي تم منهجتها لأزمنة مختلفة ان تواكب احتياجات الكثافة الطلابية و السكانية المتنوعة من كل العرقيات؟ واخيرا يسأل: هل باستطاعة المدارس لوحدها توفير هذه الاحتياجات؟

والمؤلف ديكنسون يعتقد ان المجتمعات العالمية ستتمكن من التعلم الجماعي في المستقبل المنظور, فهناك مراكز ومؤسسات مجتمعية  تعليمية بدأت تتعاون فيما بينها داخل البلدان فضلا عن الترابط من خلال شبكة الإنترنت مع مثيلاتها في بلدان أخرى. وقد سهلت  التكنولوجيا هذه التواصلات المعلوماتية المباشرة ما جعل الانسان يتجاوز حدود الزمان والمكان, ووفرت محركات البحث وباقل جهد وبأسعار تنافسية الكثير من المصادر العلمية والمعرفية ما هيء للباحثين وطلاب العلم سرعة الحصول على المعلومة المرادة في فترة وجيزة.. وحسب ما جاء في ثنايا مقاله, فان البنى التحتية التقنية الكونية قد تم تشييدها, واصبح تطوير ادوات التواصل البشري الكوني -اللحظي واليومي في تسارع ما جعل البعد المكاني يتلاشى تمام

وديكنسون  يتسائل عن دور مختلف الدول في العالم في تطوير تعليمها لكي يتماشى مع الاتجاهات العالمية والقيم الانسانية وبما يخدم افراد مجتمعاتها  ويمنحهم  الامتيازات التي ستحققها هذه النقلة التعليمية في التزود بالمعرفة ومواصلة الدراسة وفي التوظيف  ايضا عن بعد واهمية تعميق مفاهيم التعايش والسلام وكل القيم الانسانية الرفيعة..ويعتقد ان المجتمعات العالمية ستتمكن من التعلم الجماعي في المستقبل المنظور, فهناك مراكز ومؤسسات مجتمعية  تعليمية بدأت تتعاون فيما بينها داخل البلدان فضلا عن الترابط من خلال شبكة الإنترنت مع مثيلاتها في بلدان أخرى. وقد سهلت  التكنولوجيا هذه التواصلات ما جعل الانسان يتجاوز حدود الزمان والمكان, ووفرت محركات البحث وباقل جهد وبأسعار تنافسية الكثير من المصادر العلمية والمعرفية ما هيىء للباحثين وطلاب العلم سرعة الحصول على المعلومة المرادة في فترة وجيزة..فالبنى التحتية الكونية قد تم تشييدها, واصبح تطوير ادوات التواصل البشري الكوني -اللحظي واليومي في تسارع ما جعل البعد المكاني يتلاشى تماما


الدكتور حسن عبد العاطي في مقال بحثي متميز بعنوان " التعليم العربي بين استشراف المستقبل وطلب الجودة والاعتماد" يشير الى اهمية ان نلحق بالركب العالمي المتجه لعولمة التعليم, ويحذر من بقاء البيئة التعلمية والمعلم في العالم العربي بدون تطوير ومواكبة لقطار عولمة التعليم, حيث يشير    " إذا كان الاتجاه نحو عولمة التعليم - كما هو الحال في عولمة التجارة والاقتصاد – يجعل المؤسسات الأجنبية ترحب بالالتحاق بها من خلال التعليم المباشر أو من خلال التعليم من بعد عبر الإنترنت ، حيث تعمل تلك المؤسسات على دراسة الاحتياجات للمجتمعات العربية في الوقت الذي تنغمس فيه مؤسسات التعليم العربي في محاولات حل مشكلاتها وتسيير أعمالها اليومية . فإذا لم تتحرك المؤسسات التعليمية في العالم العربي لتطوير نظمها, فإنها من المحتمل أن تفقد أهميتها وتحل محلها المؤسسات العالمية.

الخلاصة .

 ان هذه التقنية قد وجدت لتبقى وتتطور وتتنوع, وانها مفيدة ومضرة في ان خاصة فيما يتعلق بنمو ادمغة الاطفال واكتسابها السريع للمعلومات وللغة ومصطلحات التقنية  في هذه المرحلة العمرية المبكرة. فتطوير قدرات التلاميذ قبل التمهيدي في التركيز والانتباه والابتكار والثقة بالنفس وحتى الذكاء يمكن للطفل اكتسابها بسهولة من خلال التعرض المثالي للبرامج والمعلومات الجيدة والموجهة للتعلم, وقد يحدث العكس في ظل عدم وجود رقابة وتوعية وارشاد.



د. سالم موسى القحطاني

2015

جامعة الملك خالد