فشل أمريكا في حرب فيتنام نابع عن فشلها الإعلامي بالدرجة الأساس وليس العسكري فقط، مما جعل أمريكا تعتمد بحربها مع العراق استراتيجية إعلامية رصينة ومباشرة استطاعت من خلالها التغلغل الى أغلب المؤسسات الإعلامية في العراق التي تأسست بعد عام 2003 بحجة تقديم الدعم المالي لهم من أجل نشر الحرية والديمقراطية وإشاعة ثقافة حرية الرأي والتعبير.

حيث شرعت أمريكا أن تدخل مجال الاعلام بقوة من خلال استغلالها وسائل الاعلام في التأثير المباشر على المواطن العراقي والتحكم بمواقفه ومشاعره تجاه الاحداث الدامية التي يعيشها العراق، وقد حققت نجاحاً باهراً في المزج بين "فن الاعلام" و"فن المخابرات"!، من خلال تهيئتها لشبكات سرية واسعة من الصحفيين والمثقفين المرتبطين بالإعلام "عراقيين وغير عراقيين" بما فيهم الكتاب والمحللين السياسيين وغيرهم، "من حيث لا يعلمون". وخصصت ميزانيات كبرى في تأسيس المؤسسات الاعلامية المرتبطة بها سرياً مثل "الصحف والتي تتضمن جرائد ومجلات وفضائيات واذاعات ومواقع انترنت ووكالات انباء ومراكز بحوث ودراسات ومنظمات ومعاهد لتدريب وتطوير الصحفيين والاعلاميين"، من اجل تنفيذ سياسة اعلامية مدروسة قبل سنوات من احتلال العراق.

الفائدة التي جنتها أمريكا من هذه الخطة الاعلامي المخابراتية ليست فائدة أنية بل استثمرت هذه المؤسسات الاعلامية بتسليط الأضواء على العناصر المتطرفة من جميع التيارات والطوائف والقوميات، لخلق حالة من العداء بين مكونات الشعب العراقي للإشغال فيما بينهم وترك أمريكا تنفذ مبتغياها على أرض الصراع الأبدي من خلال تهياه وتغذية اجواء الحقد الطائفي والقومي في العراق.

وهذا ما يؤكد أن أمريكا نفذت مصطلح "الإمبريالية الأمريكية" على أرض العراق بكل ما يعنيه من معاني وأهداف وهو ان تقوم حكومة الولايات المتحدة الامريكية بالهيمنة على دول أخرى من خلال القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والاعلامية. البعض من العالم التاءه ببحر أمريكا ومصطلحاتها التي لم تلد عبثاً ينكر وجود إمبريالية أمريكية، والبعض الآخر يعتقد أنها ذات طابع جيد حسنة النية، والبعض الآخر يرى فيها قهر وتدهور للدول والشعوب المستهدفة.

وما يحدث في العراق اليوم يثبت لمن ينكر وجود إمبريالية أمريكية، ومن يعتقد أنها ذات طابع جيد حسنة النية، أنه يعيش في واقع غير الذي تعيشه الشعوب المطبق بحقها المصطلح السيء الصيت "إمبريالية أمريكية" ويثبت صحة الطرف الاخير الذي يرى فيها قهر وتدهور للدول والشعوب المستهدفة، بدليل أن العراق يتصدر قائمة الدول الأسواء في العالم من ناحية الامن والصحة والتعليم والخدمات والفساد الاداري والمالي.