لِيبِيا بَيْن إدَارَة للفوضى واختزلا لِلسِّيَاسَة   


عندما نالت ليبيا استقلالها صادف ذلك نقصا في إدارة الدولة، وفي الأطر فرض " استقرار ليبيا " بعد مقاومة الاستعمار الايطالي بقيادة أسد الصحراء الشهيد البطل عمر المختار، واليوم نرى واجهة أخرى عند وزرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية من طرح مبادرة " استقرار ليبيا " ترتكز على بنود خارطة الطريق التي قررها ملتقى الحوار السياسي الليبي.


واليوم شددت الدول التي صنعت الفوضى لبلادنا الالتزام بقواعد اللعبة السياسية  حتى تعود ليبيا مستقرة مرة أخرى بعد حرب أهلية دامت سنوات،  في ملتقى برلين 2 حول ليبيا، ليس من الموجود آيا كان المستوى  العسكري الليبي من داخل البلاد الذي يشكل الصبغة الكاملة لاستقرار ليبيا، ذلك بتبرير العديد من اتخاذ القرارات السياسية التي كانت بتجميع بعض  أفراد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ووزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط ورئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء والناطق الرسمي باسم الحكومة ومن الخبراء بالوزارات ومؤسسات الدولة.


وماذا سيكون رد فعل الليبيين؟ بعد هذا الملتقى الثاني والذي فيه حدثا في المصالحة الوطنية الليبية ترتقي في جغرافيا واحدة داخل البيت الواحد  لمجتمع لزم عليه التعامل مع الواقع الخارجي في تسير أمور دولته، لكن كان بمكيال وحيد منصف بحسب شهادة المصالحة الوطنية الليبية، لتكن المبادرة في استقرار ليبيا داخليا حتى يتمكنوا جميعا من أن يتخذوا زمام أمورهم بأيدهم وبدون مساعدة الغير في تحريك الملف الليبي إلى الأمام، وأيضا دون وجود تناول القضية الليبية من دولة إلى دولة أخرى.


أطراف أجنبية وحلم ليبي في تمكين استقرار دولتهم في مبادرة أسموها "استقرار ليبيا" يتقاطعان في مفترق الطريق، حيث لم يعد لليبيين حوار مع بعض إلا بوجود العامل الأجنبي الخارجي  ليشكل عمل الخلاص من الفوضى في البلاد، هذا من يريد أن يعلم غير خفي حتى على العامة لكن الحوارات الخارجية أصبحت سلوكا متقبلا من جميع الحكومات الليبية المتعاقبة ولا يرجى منها خلاص سلميا على الأقل في المدى القريب.


ولعلى الانتخابات القادمة أصبحت أحدى الاستحقاقات الوطنية في الفترة القادمة ومن استعداد حكومة الوحدة الوطنية لها وضرورة انجاز هذا الحدث المهم في تاريخ ليبيا الانتخابي في 24 ديسمبر / كانون أول المقبل، على أساس التوضيحات الدستورية الليبية وسن التشريعات حسب المرحة القادمة.   


والمشاركة في مؤتمر برلين 2 هو لقاء كان الغرض منه لتمكين حكومة الوحدة الوطنية من استكمال خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي واستكمال عملية توحيد المؤسسات الوطنية الليبية حتى تستطيع تقديم خدمات أفضل إلى الدولة والشعب الليبي.


لكن حكومة الوحدة الوطنية لتزال وتواجه النزاعات الداخلية بين قوى الشرق والغرب فيما في استطاعتها حل القضايا الداخلية والنزاعات لتحقق سيادة الدولة الليبية بمساعدة المجتمع الدولي واستعادة السلام والازدهار لجميع الليبيين في هذه المرحلة الانتقالية.


هذا لا يتم إلا إذا تراضت جميع الأطراف المتنازعة على تنفيذ الاتفاق العسكري بالكامل والتخلص من جميع القوات الأجنبية على الأراضي الليبية، وتوحيد قطاع الأمن وإصلاحه ووضعه بقوة تحت السلطات الليبية المعترف بها دستورية.


تكاثرا لمرتزقة في البلاد من كل بقاع العالم يعمل على زيادة  زعزعة امن واستقرار ليبيا والابتعاد عن توحيد المؤسسات الأمنية في البلاد، ولا يكمن وجود وتمكين لسيادة الدولة الليبية  دون دمج وجمع الأسلحة من المليشيات التي تجول البلاد دون أي قيد وضوابط أمنية تحكم سلوكها.

 

التحسن في وضع ليبيا كان ملحوظا ومتقدما منذ مؤتمر برلين الأول حول ليبيا الذي عقد في 19 يناير 2020 وتقف نوعا ما الأعمال العدائية من وقف إطلاق النار، رفع إغلاق النفط واستئناف الحوار السياسي بين الأطراف الفعالة الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة ومن إنشاء سلطة تنفيذية موحدة مؤقتة بثقة البرلمان الليبي، سميت بحكومة الوحدة الوطنية، ومع ذلك كله فأن الطريق لزال طويل في معالجة الأسباب الكامنة للنزاعات الداخلية والأطماع  الخارجية في مقدرات الدولة الليبية.


هذا وان التقدم في الملف الليبي يجب أن يكون مصحوبا بجملة من الإصلاحات السياسية ثم بالإصلاحات الاقتصادية لتعزيز سيادة الدولة الليبية واختيار الشعب الليبي من يمثلهم في الانتخابات القادمة، الرئاسية والبرلمانية الوطنية عبر مشروعية الدستور الليبية الدائم الذي سوف ينهي لنا المرحلة الانتقالية ونتجه نحو المتفق عليه من الإصلاحات والبناء والتقدم والازدهار في دولة ديمقراطية مدنية بالجميع مع الجميع.


هكذا ترجع ليبيا إلى المجتمع الدولي خالية من القوات الأجنبية والمرتزقة، وتنهي معها صفحات الأزمة الليبية وبدء إدارة الدولة الليبية والتباعد من اختلاس السياسية بضمان العدالة الاجتماعية والشفافية للموارد في يجمع أنحاء البلاد،


بقلم / رمزي حليم مفراكس

رجل أعمال – كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ليبي

مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية