الحكومات السابقة كانت تسرقنا نهاراً جهاراً !....
رحيم الخالدي
عندما يمتلكني الضجر تكون قناتي المفضلة ناشيونال جيوغرافييك الإماراتية، واتسلى بمواضيعها من عالم آخر، يختلف بأشياء بسيطة عن عالمنا، وهو نوع يشبه بطباعه طباع البشر! ومتابعة برنامج من أجل البقاء أحبه، ولا أُحبِذْ نهاياتهُ الحزينة، وأتعاطف مع الضحية، ويذهب عن ذهني الباقين على قيد الحياة، ولم التفت لهذه الحالة، إلاّ عندما تتطابق مع ما نمر به، في الحياة السياسية اليومية، المكدرة لعواطفنا، لأن هذه العواطف يتلاعب بها نفر طارئ على العراق الديمقراطي الجديد! .
حياة الغاب منذ الأزل البقاء للأقوى، ولتعادل التوازن البيئي يجب أن يبقى الحال كما هو عليه، وأي نقص بأي أداة من أدواتها يكون هنالك خلل، فمثلاً أنا أكره الضباع، وأنسى أن هذه الضباع لا تدع بقية من الضحايا على الأرض، دون أن يكون لها بصمة فيها، فهي تكون الكانسة والمنظفة من أي من تلك المخلوقات النافقة، أو الباقية مما أكل الأقوياء، وهذا يعزز بقاء النقاء في تلك الأجواء، وعدم إنتشار البكتيريا والروائح الكريهة .
طيلة فترة الحكومة السابقة وعلى مدى دورتين، شهد العراق فسادٌ لم يسبقه فساد في التاريخ، لان الأموال التي تم سرقتها وهدرها بطرق غبية، تدعوا الى التساؤل بمن هو السارق والمساعد والمبدد؟ وكل ما له علاقة بتلك الأموال، ولا نريد أن نذكر كيف يمكن إستغلال تلك الأموال، في بناء الدولة بعد الخراب، الذي خلفته حكومة البعث، وهيئة النزاهة أخرجت للعلن بعض من تلك الصفقات المشبوهة، وكم هائل من الفساد الإداري والحكومي، ورفعتها للمحكمة الإتحادية .
القاضي رحيم العكيلي كان في فترة هو المُتَسَيّدْ في الساحة، لانه يمتلك كل الملفات التي تدين الحكومة السابقة، وكان إقصائهُ بسيطاً جداً، أمّا أن تسكت أو المصير المعروف، فكانت الإستقالة هي من حسمت الأمر، وبعدها تم إتهامه وإصدار مذكرة إستقدام، وحسم الأمر كما نشرته الصحف! أليس من الأجدر بالمحكمة الإتحادية، البت بأمر الفاسدين الذين أدانتهم هيئة النزاهة؟ وكيف تم إستدعائه للمحكمة بهذه السرعة! فهل يجوز الأخذ بالبسيط وترك الأهم، وهذه طبعاً سياسة الكيل بمكيالين .
طوال فترة رئاسة الوزراء من قبل حزب الدعوة، ولفترتين متتاليتين لم تجري محاسبة للميزانيات الختامية، لكل سنة على حدة، ولم يُعْرَفْ لحد الآن حجم الأموال المُسْتَرَدّةْ وأين مصيرها؟ ولماذا تم التعتيم عليها طوال ثمان سنوات! الا يدعوا هذا الأمر الى التساؤل عن مصير تلك الأموال؟ وهي بالطبع ليست قليلة كما يهون بحجمها ممن يتكلمون، لان صرف الأموال للمشاريع، يتم بالموافقات من الحكومة الإتحادية وهي بطيئة بالإجابة، ويتم إسترجاع ما لم يصرف منه للحكومة.
بإنتهاء فترة رئاسة المالكي، لم يسلم لحكومة العبادي من الخزين المالي سوى ستة وثلاثون مليون دولار! مقارنة بالوارد النفطي الذي سجل أعلى مستوى له من السنوات الأولى، التي سبقت الفترتين وهذا يدعوا للاستغراب! بما تحقق في تلك الحكومة، بينما سَلّمَ السيد باقر جبر الزبيدي، وزير المالية حينها للحكومة، عند إنتهاء مهام عمله كوزير، عشرات المليارات من الدولارات، مع قلة حجم الميزانية في وقته، لأن أسعار النفط أقل بالسنوات التي تولى المالكي رئاسة الوزراء .
ما غفل عنه المتابع العراقي السرقات الكبيرة، التي وضعتنا في موقف لا نحسد عليه، ودأبت ساعية بكل الجهود لحرف مسار الجمهور، في البحث عن الحقيقة ومعرفتها، ومعرفة من يقف خلفها! وإنجرارهِ خلف الإشاعات التي يطلقها سراق المال العام، وإتهامه أطراف أخرى ساعية لإصلاح ما خربه أولائك المفسدون، وما يبعث على الريبة هو المحاكم، التي تحكم على السارق من مواطن واحد، بأحكام ثقيلة تصل الى عشرين عام، وتقف صامتة أمام من سرق المال العام؟ .