اعتذر لشاعرنا الكبير مظفر النواب ، فقتل الفرح ليس خاصا بالعواصم العربية ، بل هو جريمة عالمية و محلية، رسمية و شعبية ...
عذرا ، ففرحنا المقتول ، أيها النازف حزنا ، تورط في قتله الجميع :
# الدول الديمقراطية العريقة كلندن و باريس ( مدينة الأنوار ) .
# و تورط فيه ملوك النفط الذي فاض من رحم ارضنا و تم ضخه في شرايين العالم ( المُتَمَدِّن ) بعدما أُصِبنا بنزيف دموي حاد لم تستطع ارض الوطن استيعابه ، فقاءت النفط علينا و على العالم ليكون لعنة علينا نحن المتواطؤون في نزيف الدم ، منذ ايام سعود لا أسعده الله في قبره ، و حتى اليوم .
# و تورط فيه المشايخ منذ بدأ الوهابيون بقتل و ذبح المسلمين أنفسهم ،و حتى نزيف الدم في كل ساحات الوطن العربي ... منذ فتوى محمد بن عبدالوهاب بان السعوديين اولياء الأمر ، و حتى فتوى القرضاوي باستقدام الناتو لضرب ليبيا و تدمير سوريا .
# و تورط فيه المثقفون التابعون المصابون بعقدة الغربي ، الذين دعوا دولهم لمحاربة بعض القوى السياسية بألف مبرر و مبرر ، و هم يدعون الليبرالية، و يدعون اليها .
# و الأدهى أيها الحبيب ، و الاغرب ، ليس العنف الرسمي العربي و الغربي ، و ليست فتاوى علماء السلاطين و تآمر قوى الدين السياسي ، و تواطؤ العلمانيين و المثقفين ، بل الأدهى هو عنف الناس ضد الناس !!! . قتل الناس لفرح الناس .... فاعذرني :
ففي كل شوارع هذا الوطن العربي قتلتم فرحي ؛
في كل شارع جريمة اغتيال لحلم ، او وأد لفكرة مختلفة ، أو اغتيال حقيقي لمُتَمَرِّد ثائر ، او وأد حقيقي لفتاة حالمة ، جرائم يقوم بها الجميع ، يقوم بها حتى الناس - الضحايا، بحق ضحايا آخرين !!! ..فأصبحنا سلسلة من الجلادين ، كل جلاد ضحية لجلاد أكبر ، و كل ضحية تمارس العنف على ضحية أصغر ، وحوش ، كلا ، عذرا ، فالوحوش لا تقتل مجانا، كما يفعل البشر ، فالانسان ، هذا الكائن وحده من يقتل ليشبع غروره ، او ليشفي غليله ، ليفرض سلطانه و يتخيل نفسه الها ، لكنه اله يزاود حتى على الله ( جل و عز و علا ) ، فهو لا يرحم مثل الله ، و لا يغغر مثل الله ، و لا يعدل مثل الله ، الرحمة عنده فقط لمن يخضع له و الغفران لمن يسبح بحمده ، و العدل لمن ينتمي لحاشيته . أما من يجرؤ و يخالفه فله العذاب بلا رحمة ..
في كل شوارع هذا الوطن العربي قتلتم فرحي ؛
*فالشيخ يحاكمني و يحاصرني باسم الله ،
*و شيخ القبيلة يحاكمني و يحاصرني باسم العادات و التقاليد ،
*و رب الأسرة يفرض ما يظنه مصلحتي ، فيرسم منذ الطفولة حدود كلماتي ، و نطاق أسئلتي ، و أشكال علاقاتي ، و و. و ،
*و رب العمل ، و رب الحزب، و رب الطائفة ...
ارباب ارباب ارباب ، أرباب كُثُر ، و أنا ( الإنسان ، من خلقني الله حرا )يريدونني عبدٌ لهذا و ذاك ، يريدون أن يعجنوني و بشكلونني كما يشاؤون ، و اذا فكرت تفكيرا يخالف تفكيرهم ، او اذا ما شئت مشيئة تخالف مشيئتهم ، غضبوا ؛
* و اعتبرني الشيخ الجليل عاصيا و ربما مرتدا،
* و اعتبرني شيخ القبيلة متمردا منحلا ،
* و اعتبرني رب الأسرة عاقا ،
* و اعتبرني رب العمل متسيبا ،
* و اعتبرني رب الحزب خائنا ....
وووووووو ، و أنا حائر بين هؤلاء الأرباب ، قلق ، أراهم مثلي بشرا ؛ و هم يقولون انهم بشر ،و لكن ، ما بالهم يتصرفون كآلهة ، بل و يتخطون و يزاودون على الآلهة ؟؟؟!! ..
في كل عواصم هذا الوطن ، و شوارعه ،و أزقته ،و بيوته ، قتلتم فرحي ..
يترصدني الحاكم، و الجار، و زميلي في العمل ،و إمام المسجد ، و مختار العائلة ، و أنا ، من أنا ؟؟!! . يا الهي ، انت واحد في السماء ، رحمن رحيم ، عادل ، توجيهاتك واضحة و محددة ، بسيطة ، تغفر و ترحم ، تدعو الى التفكير و التأمل ، تأمر بالعدل، بل و بالإحسان و لو للعدو ، فما بال الأرض قد امتلأت بآلهة تزاود عليك ، سبحانك...
يسكتون عن الحاكم- الإله، يغضون الطرف عن الغني - اللص ، ينافقون للمدير - الفاسد ، يوالون زعيم العشيرة - الرب ، و اذا خرج من يتساءل و يفكر و يقرر وحده ؛ يتساءل عن مدى شرعية الحاكم، او يفكر بتخلف المختار ، او يقرر وحده مصيره و شكل حياته شهَّروا به و أدانوه و حاكموه ، و ربما قتلوه ، معنويا او ماديا ، و هو لم يخطيء أبدا ، فقد قرا كتابك و لم يجد فيه ما يصفه بالخاطيء. فعرف ان هؤلاء منافقون كذابون ، يعملون لمصالحهم فقط ،و انت يا رب ، استعملوك - سبحانك- غطاء لهيمنتهم و سلطتهم الغاشمة. ..
لذا :
اعلن كفري بكل الآله الأرضية ، و بأني اعبد ربا واحدا ، ربا امرني بان افكر، و منحني حرية الاختيار، رب غفار رحيم ، عادل كريم ، يدعو الى الحب و الرحمة و التعاون، و أكفر بكل ربٍّ رسمت صورته أرباب الأرض كما يشاؤون ، ليحكموا باسمه ...
و ليقتلوا و ليمارسوا ظلمهم ، فأنا المقتول فرحي ، سأصنع رغما عنهم فرحي ، فالفرح يُصنَعُ و لا يعطى ، الحقوق تنتزع انتزاعا و لا يمنحها لك احد ، فلا رب من هؤلاء سيتنازل عن عرشه طوعا . فقط بالسعي الدؤووب نحو عالمك الانساني المأمول ، بالسعي نحو عالم فرحك ، ستؤسس عرشك كإنسان ، و تسقط هؤلاء عن عروشهم ....
يبقى سؤال : اذا كان معظم الناس يمارسون دور الاله ، فكيف سيتم التغيير ؟ ! .
اعتقد ان التغيير في هذه المرحلة هو معركة وعي ، و معركة مواجهة ، فالناس كلها و ان ظَلَمت، فهك لا يعيشون حياة سعيدة ، فقط اصحاب العروش و الكروش ، كبار الأغنياء ، و كبار المسؤولين، يعيشون حياة مستقرة ( في ظنهم و وهمهم ) اما الناس فهم يمارسون الظلم و يفكرون بطريقة متخلفة ، و يتبنون عادات بائدة ، رسمها لهم هؤلاء ، الناس يقلدون ملوكهم و يطيعونهم طمعا او خوفا. هذا اولا ، ثانيا : الناس ضحايا جميعا لكبار الظالمين - الآلهة ، و هم من الداخل غاضبون رافضون مجروحون ،و لكن طول سكوتهم و خضوعهم جعلهم يكرهون خضوعهم هذا و يكرهون عدم قدرتهم على الرد ، فضلا عن قدرتهم على التغيير ، فيعوضون هذا العجز بممارسة الظلم على بعضهم .
الآن ، اعتقد اننا وصلنا الى طريق لم يعد فيه الظالمون و لا أذنابهم في وضع مستقر ، بل ان الناس تدرك ان هناك واقع غير مقبول نهائيا ،و اذا شعروا بان هناك احتمالات و امكانيات للتغيير فسيسارعون الى العمل ...
لذلك يبقى هناك امل في صنع الفرح ، او في احياء الفرح المقتول ....
#خواطري_علاء_هلال