لاشيء يجعلك تُراجع وتتذكر نِعَم الله عليك _والتي لن تحصيها_ سوى رؤية حال المرضى وسماع أنينهم!
قبل سنوات طويلة وعندما كنت في الصف الثاني ثانوي، كانت بداية رحلة أمي _حفظها الله_ مع المستشفيات.

قُدِّرَ لي أن أكون المرافق لها في مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة.

كانت بجوارنا إمرأة في الثلاثينات من عمرها تقريبًا
متوفاة دماغيًا كما يقولون!
بعينين شاخصةٍ، لا ترى ولا تسمع ولا تعي ما حولها أبدًا!
هالني المنظر الذي لأول مرة بحياتي أُشاهده!
لم أحتمل، إنهرت باكية، لأني ولأول مرة أيضًا أستشعر نِعَم الله علي والتي أتقلب فيها ليْلاً ونهارا.

بدا لي وكأنها تتأرجح مابين الدنيا والآخرة!

وخُيّل لي أن قلبها يرتجف خوفًا ورجاءً،
يتمنى الرجوع!
ونحن في صحتنا وغفلتنا غارقون!!

حالها ذاك جعل الدنيا ومابها من نِعم وزينة في عينيّ حقيرة، لا تستحق كل ذلك الانشغال بها!

نغتر كثيرًا بتمام صحتنا وقد نغفل أيضًا عن شُكرها، وأسوأنا ذاك الذي يستعملها في معصية الله وإن كُنّا كلّنا كذلك!

فبماذا سنقابل الله وما عُذرنا عن تلك الأوقات التي لم نصرفها لشكره وذكره وحسن عبادته؟!

 ونحن في تمام الصّحة والعافية!!

بل وما قولنا عمّا استعملناه من نعمه في معصيته؟!

اللهم ارزقنا شكر نعمك واحفظها لنا
واستعملنا يارب في طاعتك.




عائشة
يوم الحمعة، الثامن من شهر ذي القعدة

مستشفى الملك فيصل التخصصي

الرياض.