دفاعا عَن الشَّرْعِيَّة الدُّسْتُورِيَّة اللِّيبِيَّة !
تقترن قدوم الانتخابات في الرابع والعشرون من ديسمبر بالدستور الليبي الدائم وعند الظرف المدني الحالي لشعب الليبي بعبور ليبيا من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الدائمة في دائرة الخطاء والصواب ، ووجود حجم النتيجة الكافية بضرورة الشرعية الدستورية الليبية.
نتناول في هذه المقالة وباختصار شديد دساتير ليبيا في سلسلة من الأحداث السياسية التي مرت بالدولة الليبية، وفي نماذج المطبقة والغير المطبقة على أن يكون لدينا من بعد ذلك دستور دائما في البلاد.
وبعد الدستور الأول للبلاد في عهد المملكة الليبية المتحدة و إعلانات دستورية متلاحقة التي دامت سنوات طويلة من الزمن بدون وجود استفتاء عام من الشعب الليبي، وهي وثائق دستوري معلنة قد تساعد على مشروعية ليبيا الدستورية.
دستور المملكة الليبية المتحدة لعام 1951 والمعدل في 1963، والإعلان الدستوري المؤقت الليبي في عام 1969 الصادر من مجلس قيادة الثورة ، وإعلان سلطة الشعب في 2 مارس عام 1977 والوثيقة الخضراء الكبرى، والإعلان الدستوري المؤقت الذي تم الانتهاء من صياغته في 3 أغسطس2011.
وحسب التعريف الدستوري الشرعي، يعتبر دستور ليبيا 1951 دستور داخل حيز التنفيذ في السابع من أكتوبر لعام 1951 مباشرة قبل استقلال ليبيا الرسمي وفي الحادي والعشرين من ديسمبر من نفس العام حيث نص على كون ليبيا دولة ملكية دستورية وبالملك إدريس ملكا على الملكية الليبية المتحدة.
ولقد تعلمنا في تاريخ ليبيا أن الدستور 1951 هو الدستور الشرعي لدولة الليبية الملكية لكونه حدث هام في حياة الليبيين ولكونه أيضا الوثيقة القانونية الوطنية الليبية والتشريعية الأولى والوحيدة التي رسخت رسميا حقوق المواطنين الليبيين بعد الحرب واستقلال ليبيا وقيام الدولة القومية الليبية.
وتقارن الدستورية الليبية اليوم بمكافحة الفساد الدستوري وبهيئة النزاهة والفضاء الليبي في ايعادة الشرعية الدستورية الليبية لحيز التنفيذ بالاستفتاء العام من قبل الشعب الليبي، جنبا إلى جنب مع الإعلان الدستوري الذي تم الانتهاء من الصياغة في الثالث من أغسطس لعام 2011.
وبحسب القانون الليبي لشروط الإثبات الدستوري أو الدحض فأن الدستور الشرعي لليبيا قد تم التوقيف بالعمل به في يوم ثورة الأول من سبتمبر لعام 1969 والذي اعتبر بالانقلاب على الدستورية الشرعية في البلاد، واختزاله بالإعلان الدستوري الليبي في نفس السنة بثورة الانقلاب "بقيادة مجلس قيادة الثورة".
والمسؤولية اليوم على الأجهزة الرقابية والقضاء الدستوري الليبي، مع تواطؤ الحكومات الليبية المؤقتة لتكريس هذه الشرعية الدستورية الليبية لتكون عاملا فاعلا في إعادة الدستورية الشرعية للبلاد مرة أخرى حتى لا تصبح الدولة الليبية الحديثة عاجزة عن أداء مهامها ووظائفها الدستورية.
وكنا قد تناولنا في مقالات عديدة في الماضي في سلسة نماذج مشرفة التي كانت عليها الدولة الليبية، و باعتبار الدستور الدائم لليبيا في 1951 هو أول تشريع يرسخ رسميا حقوق المواطنين في أعقاب قيام الدولة الوطنية الليبية وبعد نقاشات مكثفة للأمم المتحدة، من إنشاء دولة واحدة تضم مناطق طرابلس، وفزان وبرقة لتعود النفع على الدولة الليبية الدستورية.
واعتبر صياغة الدستور الليبي الدائم وبالقانون الأعلى والأسمى في ليبيا تزامنا مع نشأت الدولة الملكية الليبية التي تضمنت العديد من القيم الإنسانية والحقوقية الراسخة والمشتركة في الديمقراطية المدنية، فكان دليلا قاطعا على وحدة البلاد وصيانة أمن ليبيا الداخلي مع امن حدودها بالدول الإقليمية المجاورة ومع الدول البعيدة الأخرى.
كما علينا أن نلفت الانتباه بإقرار الدستور الليبي في الاجتماع الذي عقدته " الجمعية الوطنية الليبية " في مدينة بنغازي، يوم الأحد السادس من محرم، 1371 هجري ، الموافق السابع من أكتوبر 1951 ميلادية وبحضور رئيس الجمعية الوطنية السيد محمد أبو الاسعاد العالم ونائبي الرئيس، السيد عمر فاروق شنيب وأبو بكر احمد أبو بكر حيث قدموا الدستور الليبي الدائم للملك محمد إدريس السنوسي الأول قبل نشره في الجريدة الرسمية الليبية.
ومع أسباب هذا الفرق الدستوري ذكرت المادة الخامسة من الدستور على إن دين الإسلام الحنيف هو دين الدولة ، الملكية الليبية مع الحقوق مثل المساواة أمام القانون والحقوق المدينة والسياسية وتكافؤ الفرص والمسؤولية المتساوية في المهام والواجبات العامة دون تميز في الدين والمعتقد أو العرق أو اللفة أو الثروة أو النسب أو الآراء السياسية أو الاجتماعية في المادة الحادية عشر.
لعل بعضنا - رغم الانقلاب العسكري في الأول من سبتمبر 1969 ميلادية، بقيادة زعيم الانقلاب معمر القذافي يعتقد أن لم يكن لليبيا في يوم من الأيام دستورا شرعيا يعزز من امن واستقرار البلاد، لكن تم فيها إيقاف وتعطيل بالعمل الدستوري الليبي الدائم طوال سنوات حكم معمر القذافي.
لقد كانت الخسارة في العمل الدستوري الشرعي منذ أمد غير قصير، تسجل في ليبيا خسارة دستورية شرعية والتراجع في تبني الإعلان الدستوري المؤقت الليبي الصادر في عهد مجلس قيادة الثورة ولم يتم سريانه باسم الشعب العربي في الجمهورية العربية الليبية حتى تم بالنفاذ به في الثاني من مارس 1977 عند إعلان قيام سلطة الشعب اللاحق لخطاب زوارة في 15 ابريل 1973.
وهكذا انتقلت ليبيا من دولة دستورية ملكية إلى دولة فيها النظام الجمهوري عند الإعلان الدستوري الليبي بالمادة الأولى وفي المادة 33 القي دستور ليبيا 1951 وحدد الإسلام دينا للدولة الليبية واللغة العربية لغتها الرسمية، وحماية الدولة لحرية القيام بشعائر الأديان وتحيق الاشتراكية بتطبيق العادلة الاجتماعية وحظر كل أنواع الاستغلال، ويقوم مجلس قيادة الثورة مباشرة أعمال السيادة العليا والسلطات التشريعية والتنفيذية نيابة عن الشعب الليبي ليكون صالح السريان حتى إصدار الدستور الدائم للبلاد.
واليوم أصبح لدينا فائض من الدساتير الليبية المؤقتة منها الإعلان الدستوري الليبي من الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، في لجهة الستين ومقرها مدينة البيضاء – ليبيا، وهي الهيئة المنوط بها إعداد دستور جديد لليبيا بعد قيام ثورة السابع من فبراير في عام 2011 ميلادية.
وانطلاقا من هذه الوضعية في ليبيا عن الإعلان الدستوري المؤقت الليبي الصادر من المجلس الوطني الانتقالي في عام 2011 يعتبر القانون الاسمي الحالي لليبيا والذي اقر بعد الإطاحة بحكم معمر القذافي في الحرب الأهلية الليبية الأولى ويتم ساري المفعول به حتى كتابة دستور البلاد الدائم ويصدق عليه في استفتاء شعبي، وتم الإعلان عن الوثيقة القانونية في مؤتمر صحفي في 10 أغسطس من قبل عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي والناطق الرسمي له .
ذلك هو التوجه الصحيح في مشروعية الدولة الدستورية الليبية وذلك بعد الإصرار من تحقيق الانتخابات في موعدها المقرر في 24 ديسمبر من العام الجاري 2021 ، مع وجود أليه قانونية تعمل على الاستفتاء على مشروع الدستور الليبي المؤقت الذي تم تجهزه وتسليمه إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات منذ فبراير 2019.
بقلم / رمزي حلم مفراكس
رجل أعمال – كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ليبي
مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية