1/ اشرع في قراءةٍ لكتاب الله تسعى من خلالها لتكوين منهج النظر عندك، لتأسيس رؤيتك للأشياءِ من حولك، لبناءِ المعايير والموازين.
استعرض القضايا التي تؤرقك والتي لا تؤرقك على كتاب الله وانظر كيف عالجها.
2/ تدبّر الموضوعات التي يهتمُّ بها ويكثر من تَكرارها ويريد منك الاشتغال بها والانصراف إليها، انظر كيف يبني التصورات والمفاهيم، تأمل في ما يعظّمه ويجلُّه ويعلي من شأنه ويرفع من منزلته، وفيما يحقّره ويزدريه ويطّرحه.
3/ قراءة تتشرب بها معانيه، تصطبغ بها فتخالطَ روحك وعقلك وجسدك، ولتنظر حينها إلى الأمور من حولك بعين الوحي لا بعين نفسك، لتقيّم الأشياء من حولك بميزان الوحي لا بميزان نفسك وما تراه، لتبني علاقاتك بما حولك، ولتعيد صياغة تفاصيل حياتك وأجزائها، صغيرها وكبيرها، وفق رؤية هذا الوحي الجليل.
4/ اشرع في قراءةٍ تغسل بها روحك التي بين جنبيك، تروي ظمأها وتسقي عطشَتها، تُحيي أرضها التي أجدبها طول الأمل وتراكم الغفلات وتعاقب الهجر.
5/ قراءةٍ تعرض بها نفسك على كتاب الله، تطهّرها به، تزكّيها وتحرّرها وتملؤُ جوانحها بهذا النور العلوي المهيب، تقرأ سيرتك في ضوء الآيات باعتبارها مقياسًا لوزن نفسك وتقويمها، تعالج أدوائك بدوائها، وتستشفي بوصفاتها.
6/ هذا الكتاب هو الحقُّ في كل ما يعرض لك، الحق المطلق، السالم من قوادح كماله، من قصورِ علمِ منزِّله أو انحراف قصده -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا-.
هذا كتاب الإله الحق، مبدأ الحقِّ ومنتهاه.
7/ كتاب الإله العليم، علمًا أحاط بكل ما يترامى إليه طرفك وفكرك ونظرك، العليم بكل ما عرض لك من قلق واضطّراب، من سؤالاتٍ وجوديةٍ ومعرفيةٍ وأخلاقيةٍ وغيرها وبكل ما سيعرض لك.
8/ العليم الذي أحاط علمه بنوازع نفسك، بأهوائها وأحوالها وتقلباتها، بضعفها وقوّتها، بشهواتها ونزواتها، بمداخلها ومخارجها، بما يُصلحها ويطهّرها ويزكّيها، وبما يدنّسها ويخربها ويدسّيها.
9/ هذا كتاب الرب العليم الذي خلقك، وخلق الموجودات من حولك، وأقام روابط العلاقة بينها وبينك ابتداءًا منك إلى غيرك من بني جنسك، وانتهاءًا إلى ما ترامى إليه علمك من موجوداته.
10/ الإله العليم الذي سبق علمه مبادئ النظر وتشكُّلها، همومَ بني البشر وحاجات عقولهم وأرواحهم وأجسادهم، هواجس أفكارهم ومورَ خواطرهم، أحاسيسهم ومشاعرهم وعواطفهم، ما يفرحهم وما يحزنهم.
11/ الله الذي خلق الحياة التي ستقضي فيها رحلتك، كان رحيمًا لطيفًا بك، فأنزل كتابه لك دليلًا تسترشد به في هذه الرحلة، نورًا تستهدي به لتسير على بصيرة، عصمةً لك عن دروب الزيغ.
12/ لا تنس أنه العليم الذي أحاط علمه بكل شيء، هذا الدليل الذي أنزله لك أنزله عن علمٍ لا يحيطه خيالك مهما جنح.
صدقني إذا فهمت هذا واستقرّ في فؤادك استغنيت به عن نتاج العقول في هذه الباب.
13/ استغنيت به لعجز العقول وقصورها، لاعتراف النفوس بضعفها وضآلة علمها ومحدودية مدركاتها، لفشلها على تعاقب السنين في نصب معالم الهدى لها فضلًا عن غيرها، لقصور عمر التجربة عن الإحاطة بحاجة الإنسانية جمعاء.
14/ الله الذي أودع في نفسك سؤال البحث عن المعنى والغاية وأسئلة الوجود الكبرى، هو الله الذي أودع كتابه أجوبتها، بأقرب طريقٍ يشفي عليلك، ويريحك من وعثاء البحث ومتاهات الحيرة.
15/ الله الذي أنزل كتابه ليقرأه كل متشوقٍ للوصول إليه، كل ساعٍ للتقرب إليه، كل قلبٍ مملوء بلهف الشوق وقد أضناه اختلاف السبل وتنوع المشارب، فمد بكتابه السبيل المستقيم إليه، طاويًا لنا المسافات، مذللًا لنا الدرب.
القرآن بوابة الإقبال الأعظم، ما تقرب أحد إلى الله بمثل تقربه إليه بكلامه.
16/ الله الذي أنزل كتابه لك أنت، بلاغًا وبيانًا وروحًا ونورًا وهدايةً وحياةً وبركةً وعصمةً وشفاءا.
كل هذه الأوصاف حكاها الله في كتابه عن كتابه، فدونك إياها تتفيأُ في ظلالها متى ما أقبلت عليه.
17/ يا صاحبي هذا الكتاب دليلك في هذه الحياة، دليل نجاتك في هذه الرحلة القصيرة، حبل الله الذي إن استمسكت به نجوت، وإن تخليت عنه هلكت.
( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا • فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما )
18/ اللهم اجعل القرآن العظيم ربيعَ قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا وهمومنا، اللهم املأ به نفوسنا واعمر به أوقاتنا واصرف إليه هممنا وعزماتنا، اللهم اجعله شفيعًا لنا يوم نلقاك يارب العالمين.
تم المراد.