عبد المهدي العقلية الإقتصادية والسياسية

رحيم الخالدي

نتذكر في الحكومة السابقة كيف إنصاع السيد عادل عبد المهدي لأمر المرجعية، والتنازل عن المنصب الذي يتمناه كثير من المتشدقين والوصوليين والفاسدين، وكيف كان على مقربة من رئاسة الوزراء لولا أنه آثر الانصياع على عصيان أمر عقائدي، فكان مثالا لم يشهد له التاريخ الحديث، ودرس لمن تاهت عليه الأخلاق الشرعية، وبذا أثبت أنه لا يبحث عن المنصب بقدر ما أن لديه عطاء لبلده ويريد الخدمة، وما فاض منه خلال المدة المنصرمة خير دليل.

تعرض في السنوات التي سبقت تسلمه منصب وزير النفط لهجمة بشعة شملت تشويه سمعته ونزاهته، وهو الذي يملك الأموال حين كان من إتهمه بحاجة ماسة لها، ويتمنون لو كانوا مثله، ويا ليته تخلص منهم بعد إقصائهم من مناصبهم، ولعل البعض يسأل لماذا الدفاع عنه أو تبييض سمعته وهو البريء من كل التهم الزائفة، وقد غاب عن المتلقي كثير من الإتهامات الملفقة، التي لا يريد عبد المهدي تبيانها للإعلام، والتزامه الصمت طيلة الفترة السابقة .

بحسب علمي أنه لا يحب أن يدافع عن نفسه، ومن منطلق أن من كان ثوبه خالياً فلا يخشى أحداً، فعمل بصمت طيلة فترة إستلامه مهام الوزارة، واستطاع أن يقفز بالوزارة من أرقام بسيطة كانت على عهد النظام السابق، الى أرقام لم يشهدها العراق سابقاً، ورقم أربعة ملايين ليس بالرقم السهل، ولولاه لوصلنا لدرجة إفلاس حقيقي لو كان التصدير على سلفه، الذي أدخل العراق بدوامة التراخيص، التي تتقاسم الشركات مع المواطن العراقي ثروته المهدورة .

بأمر من رئيس الوزراء ذهب وزير النفط الى كردستان، لحل الازمة العالقة التي لم يستطع فك طلاسمها الا الراسخون بالعلم، وقد إستطاع فكها بإتفاق يلزم الإقليم بتصدير رقم تم الإتفاق عليه، ودفع رواتب البيش مركة يقابله دفع الحكومة الإتحادية ميزانية الإقليم وكل مرتبط ببعضه، فكانت المصيدة التي نصبها عبد المهدي، وأوقعت من حاكها بالشراك! وهذه الإتفاقية أخرست الألسن التي كانت تتبجح بالأمس وتنعته بالجهل السياسي، واليوم الإقليم يئن من العوز بفضل تشدق البارزاني .

كل من يتهم السيد عبد المهدي كان خائفا منه، والتاريخ يسجل له الإنتصار تلو الإنتصار، ولا ننسى كيف إفتعل من يتربص به أزمة الغاز في العام الماضي، وكيف تم القضاء عليها بغضون أسبوع واحد، فلم يجدوا ثغرة واحدة يمكنهم التوغل منها لوضعها بجدول التسقيط، الذي يعمل عليه جيش الإعلام الرخيص في النيل من الناجحين، لانهم أفلسوا ويبحثون النجاح من خلال التسقيط السياسي الذي تشهده مواقع الإتصال الإجتماعي والمواقع الاليكترونية فما عاد المواطن يصدقهم .

طيلة فترة الولايتين الماضيتين عجزوا عن إقناع حكومة الإقليم بضرورة الإتفاق المرضي للطرفين بالطرق الدبلوماسية، وبفضل الحنكة والدراية الواسعة لعبد المهدي، في كيفية إقناع الطرف الآخر جاء الإتفاق بما أرادت حكومة المركز، وتم ربط صرف ميزانية الإقليم بتصدير النفط عبر سومو، وكان مسعود يتصور أنه قادر على تصدير النفط خارج السياقات، والمساومة مستقبلا كما فعل بالسابق، لكن الإتفاق المبرم كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وهاهم اليوم يتوسلون في سبيل إبرام إتفاق جديد .