عندما يحدث خلاف بين عقلك وقلبك في اتخاذ القرار فأيهما تتبع؟
ومن أنت وأين أنت بينهما؟
وإذا عرفت أن عقلك هو عبارة عن جهاز حاسب آلي يحسب ليقرر دون أي مشاعر،
وأن قلبك هو عبارة عن جهاز لقياس المشاعر والأحاسيس يشعر ليقرر دون أي حسابات
فأيهما تتبع؟
وإذا عرفت أن صوت العقل بداخلنا ليس دائما هو الصوت الذي يمنعنا ويكبح اندفاعنا،
كما أن صوت القلب بداخلنا ليس دائما هو ذلك الصوت الذي يدفعنا ويحفزنا.
فصوت العقل بداخلنا هو الصوت المنطقي الذي يمنعنا أو يدفعنا مع توضيح الأسباب والمبررات المنطقية التي قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة،
أما صوت القلب بداخلنا فإنه الصوت الذي يدفعنا أو يكبحنا بلامبررات منطقية؛ فهو يعتمد على الحدس والعاطفة التي قد تصيب وقد تخطئ.
والنتيجة أن العقل والقلب متساويان في الإصابة والخطأ، وأن العاطفة والمنطق كلاهما قد يكونان على صواب أو على خطأ؛ ولذلك لايصح الحكم لأحدهما على الآخر كما لايصح التفاضل بين المتكاملين كالليل والنهار والذكر والأنثى.
إن الصوتين المتصارعين أو المختلفين في داخلنا بحيث يجذبنا كل منهما في مسار مضاد للآخر هما صوت النفس الأمارة بالسوء(الهوى) التي قد تدفعنا للفعل أوتكبحنا عنه دون أي مبرر سوى الهوى أو مبررات وهمية يفرضها الهوى؛ ولذلك يبدأ هذا الصوت مدويا صاخبا،
محاولا أن يطغى على صوت آخر مضاد يدفعنا أو يكبحنا في مسار معاكس لصوت الهوى، وبدون مبررات منطقية أيضا؛ ولذلك يجد بداخلنا مقاومة كما يواجه بمحاولات لكتمه وإسكاته؛ ولذلك يظهر خافتا كصوت صدى خفي وباهت ولكنه موجود كما تشع الشمس خلف الغيوم وكما تومض النار تحت الرماد.
إنه صوت النفس المطمئنة الموجودة في داخلنا وجود الروح التي هي من أمر الخالق عز وجل .
وبين الهوى الذي يمثل النفس الأمارة بالسوء والروح التي تمثل النفس المطمئنة نقع نحن الذين نمثل النفس اللوامة المترددة بين الروح والهوى، والتي منحها خالقها كل الحق في اتخاذ قرارها واختيار طريقها، كما منحها القدرة على تقرير مصيرها بعد أن أمدها بكل الأدوات التي تعينها على ذلك وترك لها الأدلة الكونية التي ترشدها للصواب.
إن الهوى هو النقطة التي يلتقي فيها العقل(المنطق) مع القلب (العاطفة) وكلاهما يخطئ ويصيب.
وكلنا نعر ف جيدا أن الهوى يُعمِي ويُضِل لكننا قد نفشل في تمييز صوته عن صوت الروح التي هي مصدر الحكمة وصوت الضمير.
فكيف يمكننا التمييز فيمانسمعه داخلنا بين صوت الهوى الذي قد يكون مصدره العقل أو القلب عن صوت الحكمة الذي مصدره الروح والضمير؟
إن صوت الهوى في داخلنا غالبا ما يكون عاليا صاخبا سريعا خاطفا متوترا مندفعا متلهفا مضطربا كثير الإلحاح كصوت الطفل عندما يتشبث بلعبة أويريد أن يستحوذ على الاهتمام،
لكننا لانرتاح مهما طاوعناه لأنه لايشبع ولايكف عن إزعاجنا ولايرضيه شيء.
أما صوت الحكمة في داخلنا الذي يمثل صوت الروح والمبادئ والضمير فإنه يكون عادة هادئا خافتا متزنا واثقا مطمئنا متسقا مع صوت الطبيعة والكون.
واكتشافنا له يمنحنا الشعور بالأمان والطمأنينة والسكينة والسلام والرضا والاكتفاء الذاتي.
#حنان_اللحيدان ٢٣/١٠/١٤٤٢