تدرس الحكومة العراقية التصرف بأكثر من 600 ألف عقار تابع لها، لتحويله الى سيولة نقدية ضمن خطتها لمواجهة الازمة المالية بفعل تراجع أسعار النفط.
منذ أيام وانا اترقب ردة فعل الشعب العراقي لهذا الخبر لكن يبدو ان مشاكل العراقيين لم تسمح لهم بالوقوف عند سماعهم الخبر بالرغم من خطورته والتوقيت الحرج الذي أعلن فيه، خاصة ان الحكومة العراقية تعاني من عجز كبير في ميزانيتها السنوية بسبب تدني أسعار النفط وكما هو معروف ان اقتصاد العراق قائم على أكثر من 95% من ميزانيته على بيع النفط الذي ينتجه .

لكن ما الضامن من عدم استحواذ احزاب وشخصيات متنفذة على املاك الدولة بأسعار متدنية تحت مضلة بيع عقارات الدولة لسد العجز الحاصل في ميزانية عام 2016. خاصة وان للعراق تجربة عام 2008 عندما تم بيع عقارات تابعة للدولة داخل المنطقة الخضراء بأسعار رمزية وزهيدة جداً لعدد من الاحزاب والشخصيات المتنفذة.

ان فكرة البيع بحد ذاتها جريمة ممنهجة لتدمير أخر ما تبقى من معالم العراق من قصور ومتاحف وحتى اماكن أثرية وخاصة في فترة الانهيار اقتصادي الذي يعيشه العراق، لأنها ستخفض الأسعار بصورة هائلة، مما يسهل على الاحزاب والشخصيات المتنفذة في العراق من السيطرة على الاملاك وشراء ممتلكات الشعب العراقي بأموال الشعب نفسه.

أجزم ان صاحب فكرة بيع املاك الدولة هو نفسه صاحب فكرة بيع الاحتياطي العراقي من الدولار بحجة استثمار الارباح لصالح البنك المركزي العراقي ولكن ما حصل هو استنزاف العملة الصعبة من الدولار تم على أيدي احزاب ومصارف أهلية معروفة عائديتها، ولم يستفد من هذه العملية سوى الاحزاب والاشخاص المتنفذين حصراً لكن بسيناريو مختلف.

ان كانت نوايا الحكومة العراقية صادقة فعلاً بعدم الوقوع بهذا المأزق المالي الحاد كان بإمكانها رفع سعر بيع الدولار تدريجيا بالتوازي مع تراجع أسعار النفط خاصة وان العراق يمتلك أكبر مخزون مالي في المنطقة والوطن العربي بإجمالي موجودات تبلغ 210 مليار دولار بحسب ما كشفه اتحاد المصارف العربية، إلا ان مَن يمتلك القرار الاقتصادي في العراق اقسم ان يجعل العراق " فقط " أسماً على الخارطة.

ان بيع عقارات الدولة في بغداد وعموم المحافظات بالإضافة الى واردات النفط لا تساوي القيمة المطلقة لرواتب ملايين الموظفين، بحسب مراقبين لنفترض ان انخفاض اسعار النفط استمر أو توقف عند السعر الحالي حتى عام 2017 و 2018 يا ترى ماذا ستبيع الحكومة العراقية لتسد العجز المالي ؟!

السؤال المطروح هو: ألم تجد الحكومة العراقية نهجاً أخر لرفد ميزانية الدولة غير النهج الذي أنتهجته داعش لرفد ميزانيتها ؟، حيث بدأ التنظيم الارهابي مطلع الشهر الاول من عام 2016 ببيع ممتلكات المسيحيين في الموصل بالمزاد العلني لتأمين مواردها، ويضم المزاد أكثر من 400 منزل و19 عمارة و167 محلا ومخزنا ومرآبا. وذلك لصالح خزينة التنظيم التي تعاني من ضائقة مالية حادة.

Image title