حيدر حسين سويري
تعتبر منصة الفيس بوك من أشهر مواقع التواصل الاجتماعي، وأكثرها تصفحاً من قبل المستخدمين، وأكثرهم تنوعاً، فهي تستخدم من قبل العلماء والجهلاء، المثقفين والمبتذلين ... الخ، ولذا بدأ واضحاً للعيان كمية التزوير والتجهيل الذي تحمله هذه المواقع، فهي تتيح للجميع الكتابة والنشر في شتى أمور الحياة ومواضيعها، بدون رقيب او حسيب أو ضوابط معرفية خاصة؛ على عكس ما نراه في الصحف والمجلات الورقية بالتحديد، فحتى المواقع الالكترونية اخترقها الجهل لا سيما الأخطاء الاملائية.
مما برز مؤخراً ظهور تفسيرات قرآنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا الفيس بوك، منها ما سأورده هنا، وهو موضوع تفسير (الفرق بين المرأة والزوجة والصاحبة) حسب المعنى القرآني؛ هذا الموضوع الذي انتشر كانتشار النار في الهشيم، والمشكلة أن جميع المتصفحين ينسخ ويلصق، حتى بتنا لا نعرف من هو الكاتب الحقيقي لهذا الموضوع أو البحث (كما يسميه البعض)، انتشر في صفحات الفيس بدون تدبر أو فهم والله يقول: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).
نعرض التفسير أو البحث كما ورد عن صاحبه المجهول:
سؤال: لماذا في سورة يُوسف لم يقل الله تعالى زوجة العزيز وقال امرأة العزيز!
كلام جداً جميل ... هل تقول عن زوجتك امرأتي؟ أو زوجتي أم صاحبتي؟
السؤال: ما الفرق بين المرأة والزوجة والصاحبة؟
الإجابة:
المرأة: إذا كنت هناك علاقة جسدية بين الذكر والانثى، ولا يوجد بينهما انسجام وتوافق فكري ومحبة تسمى الانثى هنا (امرأة) ...
الزوجة: إذا كانت هناك علاقة جسدية ويترافق ذلك مع انسجام فكري وتوافق ومحبة... تسمى الانثى هنا (زوجة)، قال تعالى: (اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ)، ولم يقل تعالى: زوجة نوح ولا زوجة لوط، بسبب الخلاف الإيماني بينهما! فهما نبيان مؤمنان وانثى كل منهما غير مؤمنة! فسمى الله كلا منهما امرأة وليست زوجة وكذلك قال الله (اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ). لأن فرعون لم يؤمن ولكن إمراته آمنت فلم يتفقا في الايمان فكانت امرأة وليست زوجة بينما أنظر إلى مواضع استخدام القرآن الكريم للفظ (زوجة).
قال تعالى في شأن آدم وزوجه: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)
وقال في شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ)
وذلك ليدلل الحق جل جلاله على التوافق الفكري والانسجام التام بينه وبينهن.
ولكن هناك موضوع طريف: لماذا استخدم القرآن الكريم لفظ (امرأة) على لسان سيدنا زكريا على الرغم من أن هناك توافق فكري وانسجام بينهما؟
يقول الله تعالى: (وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً)، والسبب في ذلك أنه من المحتمل أن يكون هناك خلل ما في علاقة زكريا مع زوجته بسبب موضوع الانجاب فيشكو همه الى الله تعالى، واصفا من معه بأنها امرأته وليست زوجته! ولكن بعد أن رزقه الله ولدا وهو سيدنا يحيى اختلف التعبير القرآني، فقال الله تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ). فاسماها الله تعالى زوجة وليست امرأة بعد اصلاح خلل عدم الانجاب!
وفضح الله بيت أبي لهب ...
فقال تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) ليدلل القرآن أنه لم يكن بينهما انسجام وتوافق!
الصاحبة: يستخدم القرآن الكريم لفظ (صاحبة) عند انقطاع العلاقة الفكرية والجسدية بين الزوجين... لذلك فمعظم مشاهد يوم القيامة استخدم فيها القرآن لفظ (صاحبة) قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)) لأن العلاقة الجسدية والفكرية انقطعت بينهما بسبب أهوال يوم القيامة!
وتأكيداً لذلك قال الله تعالى صراحة: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ) لماذا لم يقل (زوجة أو امرأة)؟
قال الله تعالى ذلك لينفي أي علاقة جسدية أو فكرية من الطرف الآخر نفياً قاطعاً ... جملة وتفصيلاً.
فسبحان الله الذي أنزل هذا الكتاب المعجز والذي قال فيه في سورة الإسراء -الآية 88: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرا)
جعلنا الله جميعاً ممن يقولون:
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاما)
...منقول…
الرد والمناقشة على ما جاء في هذا البحث التفسيري:
- تذييل الموضوع بكلمة (منقول) وهذه الكلمة تدل على جهل الناشر لأسم الكاتب.
- من عبارة (صلى الله عليه وسلم) نعرف أن الشيعة خارج قوس من هذا الكلام لأنهم لا يبترون الصلاة على النبي فيقولون (صلى الله عليه واله وسلم). وهنا يريد الكاتب أن يبين بأن الكلام للسنة وهو ليس كذلك وإنما موّجه للسنة! فأفهم ذلك.
- أسلوب الكتابة والتعبير ركيك جداً. بالرغم من التعديلات التي اجريتها كي يتسنى للقارئ فهم المكتوب، مع عدم التأثير للتعديلات على المحتوى العام للموضوع.
- بعبارة دقيقة فان البحث لغوي وليس تفسيري.
- جعل الباحث الحمل والولادة محل الانسجام في قصة النبي زكريا عليه السلام وزوجته، فهل كانت حواء انجبت في قصة الجنة والطرد؟!
- ثمة تناقض في الموضوع محل البحث: لماذا قال الله عن أُم مريم عليها السلام: امرأة عمران (ِقَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ) ولم يقل زوجة عمران!؟ هل لدى الباحث دليل على عدم الانسجام؟! خصوصاً والكلام هنا أثناء فترة الحمل!
- لماذا قال الله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ) ولم يقل: صاحباتكم؟ بالرغم من انقطاع العلاقة الفكرية والجسدية بالموت.
- قال تعالى: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ) وكلنا يعرف أن (نساء) جمع (امرأة)، فلماذا خاطبهن الله بهذا الشكل ولم يقل: يا زوجات النبي؟
- استدل الباحث أن ولادة المرأة تعني لها الانسجام مع زوجها فتكون زوجة وليست امرأة، فهل أنجبت نساء النبي جميعهن؟
- ما هو قول الباحث في قصة (زيد) حيثُ قال تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ) فاذا كان زيد وزينب منسجمين لماذا تم الطلاق؟ وقد جاء في الحديث الشريف: (أبغض الحلال عند الله الطلاق)!
- أما الصحبة فنختصرها بأنها الرفقة لمدة معينة، بغض النظر عن وجود انسجام أو عدمه، والقران الكريم يوضح ذلك في عدة آيات، وأما نحن اليوم كناطقين باللغة العربية، فنستخدم كلمة صاحبة للرفيقة التي لم تصبح زوجة بعد، بمعنى ليس بينها وبين صاحبها عقد زواج.
بقي شيء...
تحياتي لكل باحث يجهد نفسه لإيجاد ما ينفع الناس، ولكن عليه أن يتوخى الحذر والدقة وكذلك القارئ. فالكلام هنا ليس دقيقاً ومرفوضاً، لوجود خلل به وتقصير في دراسة جميع الآيات، التي تحوي تلك المفردات في كتاب الله وليس بعضها (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) ؟! فهي تناقض لما أشار له الموضوع، فالبحث يحتاج لتفسير موضوعي وشامل.