من عجائب الزمان أن يأتي المحتل راكباً ظهر دبابه، سالكاً طريق الديكتاتورية الفجه، ويحمل في يده شعارات الحرية والديمقراطية مُلَوحا بها في خدعة مكشوفه!
حدث ذلك في عام ٢٠٠٣م، حينما أتى المحتل الأمريكي إلى العراق بتلك الطريقة الفظة في محاولة لإيهام الشعب العراقي النبيل بأنه قد أتى له بالديمقراطية
الموعودة، وكم تشدق متبجحا بذلك.
لكن ما إن أرسى هذا الإحتلال قواعده حتى تلاشت تلك الشعارات البراقة التي كانت تحمل الوعود بإشاعة الحقوق والحريات _التي كفلها الإسلام قبل أن تكفلها
القوانين المزيفة_ وتلك الوعود مالبثت أن أصبحت سراباً لاوجود لها على أرض الواقع، ولم يتم تطبيقها في جميع أنحاء العراق.
وتمر السنين تلو السنين وحقوق الشعب لاتزال حبراً على ورق برغم مطالبته بها، مع أن من الأمور البدهية في إدارة الشؤون الداخلية لأي دولة تقتضي أن حقوق
الإنسان إنما تكمن في إرادة المجتمع ومطالبه وليس لإرادة المحتل ومن جاء معه،فالتقدم والعدالة ليس بالقوانين والشعارات البراقة؛ بل بسيادة القانون العادل
المستوحى من إرادة الشعب، لا من كذب المحتل وزيف عملائه.
ولذا فإننا حين نتقصى أسباب تدهور حقوق الإنسان في العراق فسنجد أن السبب الرئيسي هو عدم إجراء انتخابات برلمانية نزيهة؛ حيث لم يجر حتى هذه اللحظة
أي انتخاب حر نزيه لممثلي الشعب في العراق دون تسجيل خروقات جسيمة، ومعظم أعضاء مجلس النواب العراقي إما معينين من الحزب الذي يسيطر على جميع مفاصل البلد أو حصلوا على الأصوات بطريقة التزوير وبالتالي فإن مجلس النواب لا يمثل إرادة المواطن العراقي، وأيضا تلك القوانين التي يصدرها هذا المجلس إنما هي قوانين لا تعبر عن إرادة العراقيين وبالتالي فلن تكون انتخابات شرعية.
بل والأدهى من ذلك أن معظم أعضاء مجلس النواب العراقي لا يستطيعون عمل شيء بمواجهة السلطة التنفيذية الحاكمة؛ إما لإحساس الأعضاء بالضعف نتيجة عدم صحة الانتخابات، وإما لطغيان السلطة التنفيذية الحاكمة، حتى ضاعت نتيجة الانتخابات مابين كماشتي التزوير والضغوط السياسية.
وفي ظل هذه الظروف التي يعيشها العراق ينبغي علينا أن نطرح عدة أسئلة تفرض نفسها على العقول الواعية في محاولة لإيجاد حلول ملائمة لهذه المرحلة:
بحق ماذا ينتظرنا، وماذا بعد تدمير العراق بحجة الديمقراطية وإشاعة حقوق
الإنسان التي لا وجود لها على أرض الواقع ؟
وماذا ينتظرنا بعد أن سلمت أمريكا العراق بيد إيران التي تعتبر العراق العدو
الأساسي لمشروعها التدميري ؟
وما الذي ينتظرنا بعد التدخل الإيراني في أبسط تفاصيل العراق وصنعها للقرارات المصيرية ؟
وماذا بعد الحصار الفكري على العراق ؟
ماذا ينتظرنا -وللأسف- من فرح بعض البلدان العربية لما يجري من تدهور وانهيار في العراق على أيدي من يحكم العراق؟
ماذا ينتظرنا بعد احداث القتل والدمار اليومي في العراق على أيدي الاجهزة الأمنية العراقية التي شكلها الإحتلال ؟
ماذا ينتظرنا بعد ان تدخلت أمريكا وإيران حتي في اختيار قادتنا ؟
ماذا ينتظرنا بعد إن أضحى كل من يحاول أن يطالب بالحرية والديمقراطية مُهاجَما
تلاحقه تهمة الإرهاب، كما يحدث حالياً على قادة الحراك الشعبي في ستة
محافظات عراقية منتفضة من أجل مقارعة الظلم والإقصاء والتهميش؟!
وما الذي ينتظرنا بعد أن سحبت الحكومة العراقية الحالية تراخيص جميع القنوات الفضائية التي تقف مع تطلعات الشعب العراقي ؟
ماذا ينتظرنا أيها العراقيون ماذا ينتظرنا ؟
الي أين تقودنا أمريكا وحليفتها إيران.. إلى أين ؟
وهل من سبيل للتغير من هذا الواقع المشؤوم ؟