بعد أن تخرج عثمان من الجامعة صار عليه أن يبحث عن عمل، ولكن فوجئ بالمجتمع الذي يوظف بالمحسوبية وأن أمثاله بحاجة إلى (واسطة).

لا خيار أمامه إلا البحث عن عمل لا يتطابق مع شهادته الجامعية، حتى وجد نفسه (عاملا) في كافيه. رغم ذلك لم يتخل عثمان عن طموحه ورغم الصعاب التي واجهته والمضايقات والتنمر الذي تعرض له من زملائه، ظل يكافح من أجل أن يهيئ لنفسه مناخا مليئا بالتفاؤل والتعلم والمعرفة.


ذات يوم وهو في عمله، دخل إلى المقهى رجل تظهر عليه علامات السفر والتعب.. وكان على ملامح وجه أنه تائه ويبحث عن شحص ما. جلس على الطاولة ونادى علي العامل: (جرسون). جاء إليه عثمان وسأله عن طلبه: (السلام عليكم ... ماذا تطلب؟) فرد الرجل: (وعليكم السلام... هات لي شاي مع الحليب) فقال عثمان: (هل لديك أي طلب اخر؟) رد الرجل: (لا .. لكن لدي سؤال). قال عثمان: ( تفضل)..

- الرجل: هل انت من أهل المدينة؟

- عثمان : نعم. 

- الرجل : أنا قادم من العاصمة وابحث عن شخص اسمه (أنور ولقبه التاجر).

- عثمان : نعم أعرفه فهو أكبر تاجر في المدينة يسكن في الضفه القربية من النهر.

- الرجل : شكرا لك. يااااا..... لم تخبرني عن اسمك 

- عثمان : اسمي عثمان الامين حماد.

- الرجل : هل تدرس ؟

- عثمان : نعم انا متخرج في تخصص "علم اجتماع".

- الرجل : تخصص رائع ولكن لماذا تعمل هنا ؟

- عثمان : لم احصل على وظيفه بسبب عقبة المحسوبية. يبدو عليك انك تاجر أ ليس كذلك ؟

- الرجل : لا أنا موظف في أمن الدولة. هل حاولت البحث عن عمل غير هذا الكافيه؟

- عثمان : منذ أن بدأت العمل هنا وانا لم استطع أن ابحث لعدم كفاية وقتي.

- الرجل : أشكرك يا عثمان علي الشاي والحديث الشيق، أنا ذاهب حتي لا يتأخر الوقت.


خرج الرجل من المقهى وهو يبتسم وترك عثمان مواصلا في عمله. بعد نهاية الدوام، ذهب عثمان إلى السوق ليجلب بعض الأغراض، وبعدها عاد إلى البيت وأخذ قسطا من الراحه وتناول الغداء مع أسرته كالعادة، ثم ذهب لمتابعة الاخبار في التلفاز.


تم عرض إعلان عن وظائف في شرطة المباحث، فقال عثمان في نفسه: "لم اجد وظيفة تناسبني.. من الافضل أن أتقدم إلى هذه الفرصة".


استيقظ عثمان في الصباح الباكر قاصدا مكتب التقديم لوظائف الشرطة، ثم عاد إلى الكافيه ممارسا عمله كالعادة، وبعد الانتهاء من العمل توجه إلى النادي للالتقاء ببعض الاصدقاء ولكي يمارس رياضة الركض، وبعدها عاد إلى المنزل.


عند عودته للمنزل فوجئ بوصول جده من (القرية) ويبشره بنجاح موسم الزراعة في القرية، وأعطاه  نصيبه من المحصول. فرح عثمان بمجيء جده وبشرياته الرائعة، لكنه فوجئ بقرار جده بالعودة صباح الغد.


في الصباح التالي، وبعد أن ودع جده عاد إلى عمله متاخرا ما أدى إلى خلاف بينه وبين صاحب الكافيه، وقد كان عثمان طوال فترة عمله حريصا على الحضور مبكرا، ولكن كان هناك من يحرض المدير على (عثمان) ليعين مكانه أحد أقربائه .


خرج عثمان غاضبا من صاحب الكافيه تاركا العمل.. لكن المفاجأة التي كانت في انتظاره والتي امتصت غضبه انه تم اختياره في الوظيفة التي تقدم له في الشرطة. وصلته رساله تقول أن عليه الحضور إلى (المكتب) حتي يكمل ما تبقي له من اجراءات. وبعد اكمال كل المتطلبات تم اختياره من ضمن الضباط الذين سوف يتم تدريبهم خارج البلاد حسب تخصصه الدراسي.


عاد عثمان الى المنزل مسرورا، تتقاطر الأفراح من عينيه، والبيت يضج باحتفال الأسرة والجيران؛ فالحي أصبح فيه ضابط شرطة .


بعد إنهاء إجراء السفر، غادر عثمان وزملاؤه البلاد وتلقى الفتره المحددة للتدريب في كل ما هو متعلق بعلوم الشرطة والمباحث، وعاد إلى الوطن والأسرة بلهفة وشوق..


يتبع ....

-------------------------------

* كاتب الحكاية، طالب حاسوب في جامعة بحري، السودان